وهي بكر أحل لأخ له ما دون الفرج أله أن يقتضها؟ قال: لا ليس له إلا ما أحل منها، ولو أحل له منها قبلة لم يحل له ما سوى ذلك، قلت: أرأيت إن هو أحل له ما دون الفرج فغلبته الشهوة فاقتضها، قال: لا ينبغي له ذلك، قلت: فإن فعل ذلك أيكون زانيا؟ قال: لا، ولكن يكون خائنا ويغرم لصاحبها عشر قيمتها " (1).
والظاهر أن تحليل القبلة يستلزم تحليل المس، فالمراد أنه لم يحل له ما سوى ذلك من الافتضاض والوطء والخدمة وغيرها، لأن الضابط في تحليل الأمة الاقتصار على ما تناوله اللفظ فما دونه.
فإن قلت: إن الزنا عبارة عن و ط ء المرأة قبلا أو دبرا بغير عقد ولا ملك ولا شبهة بل عمدا عالما بالتحريم، وهاهنا كذلك، فينبغي أن يكون زانيا لا خائنا فقط.
قلت: إنه لم يحل له ما دون الفرج إلا وقد علم أنه ينجر إلى ذلك، فكأنه أحل له ذلك ضمنا، ولكنه لما لم يصرح به وقد تصرف في ملكه بما لا إذن له فيه صريحا كان خائنا، فتأمل فيه.
[تحقيق حول قولهم: الظاهر عنوان الباطن] قولهم: الظاهر عنوان الباطن. قال الفيروز آبادي: كلما استدللت بشئ يظهرك على غيره فهو عنوان له (2).
وقد تقرر في الحكمة: أن كل ظاهر فله باطن، وكل باطن فله ظاهر، ولا يكون ظاهرا لا باطن له إلا ما هو مثل السراب، فإنه أمر محسوس ظاهر عند الحس ولا حقيقة له عقلية، ولا باطن إلا ما هو مثل الخيال، فإنه صورة معنوية ولا صورة له محسوسة يشهدها الحس الظاهر، وما سوى ذلك جامع بين الأمرين.
فالمراد والله يعلم: أن الذي يظهر من كل شئ - فاللام للاستغراق - فهو دليل على ما في باطنه وحقيقة أمره، فيمكن الاستدلال بالظاهر على الباطن، ويكون من مقولة الاستدلال بالأثر على المؤثر، والمعلول على العلة، وقد يفيد اليقين