الرسول الصادق (عليه السلام): إن الله يحب العبد ويبغض عمله، ويحب العمل ويبغض بدنه " (1) وفهمه ثم تطبيقه يحتاج إلى التأمل.
[تحقيق حول الجواب عن استدلال الشافعي على حلية الشبابة] استدل الشافعي برواية عبد الله بن عمر: أن سيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) مر براع وهو يزمر بزمارة كانت معه، فسد أذنيه بإصبعيه ولا برح يسأله عن صوتها هل انقطع أم لا، فلما أخبره بانقطاعه أرسل يديه. على تحليل الشبابة بأن سماعها لو كان حراما لكان يأمر ابن عمر بسد أذنيه، لأنه لا يأمر أحدا على فعل حرام أو سماع حرام بحضرته، فلما أمره بذلك ولم يأمره بسدهما دل على أن سماعها مكروه لا حرام، وسيدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) كان يتنزه عن المكروهات تنزه غيره عن المحرمات.
وأجيب بأن ليس مطلق الصوت الصادر عن الآلات محرما، بل المشتمل على الطرب الموجب للذة الانسان ولهوه حرام عملا بالدوران، فجاز أن يعلم من ابن عمر عدم لذته بما يسمعه من ذلك الصوت، فلا يكون فرقا بينه وبين نعيق الغراب وشبهه من الأصوات التي لا توجب لذة ولا لهوا، وأيضا جاز أن يكون ابن عمر عرف سكون الصوت بغير السماع فسأله النبي (صلى الله عليه وآله): هل انقطع صوته؟ إما بوضع الشبابة عن فيه أو بغير ذلك.
أقول: حاصل الجواب الأول يؤول إلى أن هذه اللذة لما كانت روحانية كان تأثيرات الصنعة الموسيقية بجملتها كذلك وهذا منها، وكان تأثير النفس منها مشروطا بسلامتها وصحة المزاج كما أشار إليه بعض الحكماء بقوله: من لم يستلذ بوجه صبيح وصوت مليح فهو فاسد المزاج ويحتاج إلى العلاج، فكلما كانت النفس أجرد وأسلم والمزاج أصح وأعدل كان الالتذاذ أتم وأكثر والاحتظاظ أكمل وأوفر، وإذا انعكس انعكس، فجاز أن يكون ابن عمر لسوء مزاجه وفساد