[تفسير قوله (عليه السلام): " يولج كل واحد منهما في صاحبه... الخ "] قال البهائي بعد قوله (عليه السلام) في دعاء الصباح والمساء: " يولج كل واحد منهما في صاحبه ويولج صاحبه فيه ": الواو للحال، والمعنى: يدخل كلا من الليل والنهار في آخر، بأن ينقص من أحدهما شيئا ويزيده في آخر، كنقصان نهار الشتاء وزيادة ليله، وزيادة نهار الصيف ونقصان ليله.
فإن قلت: هذا المعنى يستفاد من قوله: " يولج كل واحد منهما في صاحبه " فأي فائدة في قوله: " ويولج صاحبه فيه "؟
قلت: مراده (عليه السلام) التنبيه على أمر مستغرب وهو حصول الزيادة والنقصان معا في كل من الليل والنهار في آن واحد، وذلك بحسب اختلاف البقاع كالشمالية عن خط الاستواء والجنوبية عنه، سواء كانت مسكونة أو لا، فإن صيف الشمالية شتاء الجنوبية وبالعكس، فزيادة النهار ونقصانه واقعان في وقت واحد لكن في بقعتين، وكذلك زيادة الليل ونقصانه، ولو لم يصرح (عليه السلام) بقوله: " ويولج صاحبه فيه " لم يحصل التنبيه على ذلك، بل كان الظاهر من كلامه وقوع زيادة النهار في وقت ونقصانه في آخر، وكذلك الليل، كما هو محسوس معروف للخاص والعام (1).
أقول: كون الواو للحال مبني على تقدير المبتدأ، كما في: نجوت وأرهنهم مالكا، وقمت وأصك وجهه. وحاصل الجواب: أن معنى الجملة الحالية وإن كان يفهم من الأولى فيكون تأكيدا إلا أنها ذكرت للتنبيه. وأنت خبير بأن إيلاج كل واحد منهما في صاحبه يتضمن حصول الزيادة والنقصان معا في كل واحد منهما في آن واحد بحسب اختلاف البقاع، إذ لا يمكن إيلاج الليل في النهار في بقعة إلا حال إيلاج النهار في الليل في بقعة أخرى وبالعكس، فزيادة النهار تتضمن نقصانه حال زيادته، وكذلك الليل في بقعتي الشمالية والجنوبية عن خط الاستواء، فالتنبيه حاصل بدون ذكرها، وإنما ذكرت للتصريح بما علم ضمنا، لأنه لما كان أمرا مستغربا لم يكتف في الدلالة عليه بالضمنية بل دل عليه بالدلالتين الضمنية