فإن قلت: إحدى روايتي النهي عن وصل الشعر المذكورة في التهذيب وإن كانت ضعيفة إلا أن الأخرى من مراسيل محمد بن أبي عمير، وقد قال العلامة في النهاية: العدل إذا أرسل الحديث فالوجه المنع من قبوله، إلا إذا عرف أنه لا يرسل إلا مع عدالة الواسطة كمراسيل محمد بن أبي عمير (1).
قلت: كلامه في التهذيب (2) خال عن هذا الاستثناء، وهو الوجه كما بينه صاحب المعالم (3) ثم اختاره هو ونقله عن أبيه (قدس سرهما)، وقد بسط القول فيه الشهيد الثاني بما لا مزيد عليه في الدراية (4) فليطلب من هناك.
[تحقيق حول المراد من النور في حديث أبي ذر وغيره] قال ابن الأثير في النهاية: وفي حديث أبي ذر، قال له ابن شقيق: لو كنت رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) لسألته هل رأيت ربك عز وجل؟ فقال: قد سألته، فقال: نور أنى أراه؟ أي: هو نور كيف أراه. سئل أحمد بن حنبل عن هذا الحديث، فقال: ما زلت منكرا له، وما أدري ما وجهه، وقال ابن خزيمة: في القلب من صحة هذا الخبر شئ فإن ابن شقيق لم يكن يثبت أبا ذر، وقال بعض العلماء: النور جسم وعرض، والباري عز وعلا ليس بجسم ولا عرض وإنما المراد أن حجابه النور، وكذا روي في حديث أبي موسى. والمعنى: كيف أراه وحجابه النور، أي: أن النور يمنع من رؤيته (5) انتهى.
أقول: كثيرا ما يطلق النور ويراد به الموجود المفارق القائم بذاته المجرد عن المادة وعلائقها المستلزمة للنقص والظلمة، فمنه قولهم: إن النفس الناطقة نور من أنوار الله القائمة لا في أين، من الله مشرقها وإلى الله مغربها. وكذلك الأنوار العالية يعنون بها المفارقات والمجردات.
ومنه ما ورد في الخبر عن سيد البشر: " أول ما خلق الله نوري " (6). وفي رواية