فسجدوا له، ألقى عليه السبات، ثم ابتدع له حواء (1) فجعلها في موضع النقرة التي بين وركيه، وذلك لكي تكون المرأة تبعا للرجل، فأقبلت تتحرك فانتبه لتحركها، فلما انتبه نوديت أن تنحي عنه، فلما نظر إليها نظر إلى خلق حسن يشبه صورته غير أنها أنثى، فكلمها فكلمته بلغته، فقال لها: من أنت؟ قالت: خلق خلقني الله كما ترى، فقال آدم عند ذلك: يا رب ما هذا الخلق الحسن الذي قد آنسني قربه والنظر إليه؟ فقال الله تبارك وتعالى: يا آدم هذه أمتي حواء، أفتحب أن تكون معك وتؤنسك وتحدثك وتكون تبعا لأمرك؟ فقال: نعم يا رب ولك علي بذلك الحمد والشكر ما بقيت، فقال له عز وجل: فاخطبها إلي فإنها أمتي وقد تصلح لك أيضا للشهوة، وألقى الله عز وجل عليه الشهوة وقد علمه قبل ذلك المعرفة بكل شئ، فقال: يا رب فإني أخطبها إليك، فما رضاك لذلك؟ فقال عز وجل: أن تعلمها معالم ديني، فقال: ذلك لك يا رب علي إن شئت ذلك، فقال عز وجل: وقد شئت، وقد زوجتكها، فضمها إليك، فقال لها آدم (عليه السلام): إلي فأقبلي، فقالت له: بل أنت فأقبل إلي، فأمر الله عز وجل آدم أن يقوم إليها، ولولا ذلك لكان النساء هن يذهبن إلى الرجال حتى يخطبن على أنفسهن " (2).
وأما قوله تعالى: * (يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء) * (3) فإنه روي: أنه عز وجل خلق من طينتها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء (4).
وجاء في آخر النسخة المخطوطة: إلى هنا وجد بخطه (رحمه الله).