في التفضيل؟
والعجب أنه صرح بأن العمل بمنزلة الجسد، فإن الجسد بغير روح لا خير فيه، ولم يتفطن بأنه ينافي ما يقتضيه التفضيل، وقال: إن هذا الخبر: إما عام مخصوص أو مطلق مقيد، فيكون المراد أن نية بعض الأعمال الثقيلة كالحج والجهاد خير من بعض الأعمال الخفيفة كتسبيحة أو تحميدة أو قراءة آية في تلك النية من تحمل النفس المشقة الشديدة، والتعرض للهم والغم الذي لا تحاذيه تلك الأعمال.
قيل: وهذا التوجيه وإن كان خلاف الظاهر إلا أن المصير إلى خلافه متعين عند وجود ما يصرف اللفظ إليه، وهو هنا حاصل، لأن قوله: " نية المؤمن خير من عمله " يعارض قوله: " أفضل الأعمال أحمزها " فيجب صرفه عن الظاهر جمعا بينهما، وقد مر وجه الجمع بينهما بوجه آخر.
وقد قيل في الجمع: إن لفظة " خير " ليست بأفضل التفضيل، بل المراد أن نية المؤمن خير من جملة أعماله، ف " من " تبعيضية، وإنما قال ذلك لئلا يتوهم أن النية لا يدخلها الخير والشر.
نقل أن السيد الأجل المرتضى علم الهدى لما أفاد هذا الوجه استحسنه بعض الوزراء، لأنه لا يرد عليه شئ من الإشكال، والله أعلم بحقيقة الحال، والصلاة على رسوله وآله خير آل.
[تحقيق حول أربعة أحاديث ذكر أنها لا أصل لها] قال الشهيد الثاني (قدس سره) في الدراية بعد كلام متعلق بالحديث المشهور: قال بعض العلماء: أربعة أحاديث ترد على الألسن وليس لها أصل: من بشرني بخروج آذار بشرته بالجنة، ومن آذى ذميا فأنا خصمه يوم القيامة، ويوم نحركم يوم صومكم، وللسائل حق وإن جاء على فرس (1).
أقول: هذا من هذا العالم وخاصة من شيخنا الشهيد - أعلى الله درجته - مع تتبعه في الأخبار وتصفحه في الآثار غريب عجيب، لأن هذه الأحاديث لها أصل