[حكم المخالفين في الإمامة] اختلف الأصحاب في من خالفونا في الإمامة، فمنهم من حكم بكفرهم، لدفعهم وإنكارهم ما علم من الدين ضرورة، وهو النص الجلي على إمامة أمير المؤمنين علي (عليه السلام) مع تواتره، وقال الآخرون منهم: إنهم فسقة، وهو الأقوى.
ثم اختلفوا على أقوال، الأول: أنهم مخلدون في النار لعدم استحقاقهم الجنة، الثاني: أنهم يخرجون منها إليها، الثالث: أنهم يخرجون منها لعدم كفرهم الموجب للخلود، ولا يدخلون الجنة لعدم إيمانهم المقتضي لاستحقاقهم الثواب، والمسألة لا تخلو عن إشكال، وظاهر الأخبار الواردة في الطرفين يؤيد الأول، فمنها: ما صح واستفاض عند الفريقين: " من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية " (1).
قال صاحب الفتوحات ومدعي الكشف والكرامات: إني لم أسأل الله أن يعرفني إمام زماني، ولو كنت سألته لعرفني! فانظر - وقاك الله عن الضلالة والغواية - كيف خذله الله وتركه مع نفسه، فاستهواه الشيطان في أرض العلوم حيران، فقال ما يضحك منه الصبيان ويستهزئ به النسوان.
وقد رواه أصحابنا بطرق عديدة، أصحها سندا ما رواه ثقة الإسلام محمد بن يعقوب الكليني بإسناده إلى الحارث بن المغيرة، " قال: قلت لأبي عبد الله (عليه السلام):
قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): من مات ولم يعرف (2) إمامه مات ميتة جاهلية، قال: نعم، قلت: جاهلية جهلاء أو جاهلية لا يعرف إمامه؟ قال: جاهلية كفر ونفاق وضلال " (3).
أقول: الميتة - بالكسر أصلها الموتة على زنة الفعلة بكسر الفاء - للحالة التي يموت عليها، والظاهر أنه مفعول مطلق وقع للتشبيه أي: مات على حالة شبيهة بحالة موت الجاهلية، أو منصوبة بحذف أداة التشبيه أي: مات ميتة كميتة جاهلية.