إلى التجوز السابق.
الخامس: أن يكون بفتح الهمزة وسكون الكاف مصدرا بمعنى المأكول، والغرض هو الاستعانة بها على تحصيله، وهو قريب من سابقه.
السادس: لاستعنت بها على الإنفاق الذي هو سبب الأكل، ويكون من ذكر المسبب وإرادة السبب، فيكون ترغيبا على الإنفاق والمواساة.
السابع: أن يكون الغرض تقليل زمان الأكل ليشتغل بعده بما هو أهم منه، أي:
لو أمكنني لاستعنت على تقليل مدة الأكل بيد ثالثة كالتقام بيد وكسر الرغيف بأخرى وتبريده بثالثة، وفيه مع تكلفه نظر، على أن هذا الغرض يناسبه أن يقال: لو كان لي فم ثان.
الثامن: أن يكون إيماء إلى كراهة الأكل باليد الواحدة وعدم الاستعانة فيه بالأخرى كما هو دأب المتكبرين، لاستلزامه سوء الأدب والإهانة بالمائدة والطعام، وقد قال علي (عليه السلام): " إذا جلس أحدكم للطعام فليجلس جلسة العبد " (1) ولكلامهم (عليهم السلام) وجوه ومخارج وشروح ومحامل لا يعقلها إلا العالمون.
[تحقيق حول الحديث العلوي: " وصول معدم خير من مثر جاف "] قال علي (عليه السلام) في وصيته لابنه محمد بن الحنفية: " وصول معدم خير من مثر جاف " (2).
أقول: أعدم الرجل: افتقر فهو معدم، وأثرى الرجل: كثرت أمواله فهو مثر، والجفاء: البعد عن الشئ، يقال: جفاه إذا بعد عنه، والجفا أيضا ترك الصلة والبر.
قال في القاموس: الجفا نقيض الصلة ويقصر جفاه جفوا وجفاء (3). والوصول مصدر بمعنى الواصل، يقال: وصل يصل وصولا ووصلا وصلة بلغه.
والظاهر أن المراد أن من يصلك ويرفق بك ويحسن إليك يدا أو لسانا أو هما معا فهو مع وصف فقره وقلة ماله خير ممن يقطعك ويترك برك والإحسان إليك مع