أو ثبوت ما يمتنع.
وأما ثانيا: فلأن المسؤول والقابل للخطاب الفاهم له والمطلوب منه الجواب لا شك أنه الروح المجردة القائمة بذاتها لا الذرة المتعلقة هي بها، وإنما الاحتياج إلى الذرة في أن تصير آلة في تكلمها الحقيقي بلسانها المقالي لتتمكن بذلك على الجواب عن السؤال.
ولا شبهة أن الذرة التي مائة منها زنة شعيرة كما صرح به في القاموس (1) غير صالحة للآلية الكذائية، فتعلقها بها مما لا فائدة له في هذه الآلية أصلا.
وأما ثالثا: فلأن بدن كل إنسان - إلا ما استثني آنفا - إنما هو مخلوق من النطفة أو ما يقوم مقامها، أما نقلا فظاهر * (ولقد خلقنا الانسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين) * (2) الآية * (فلينظر الانسان مم خلق خلق من ماء دافق يخرج من بين الصلب والترائب) * (3) * (أو لم ير الانسان أنا خلقناه من نطفة فإذا هو خصيم مبين) * (4) وأما عقلا فلأن المقرر عندهم أن نفس الأبوين تجمع بالقوة الجاذبة أجزاء غذائية، ثم تجعلها أخلاطا وتفرز منها بالقوة المولدة مادة المني، وتجعلها مستعدة لقبول قوة من شأنها إعداد المادة لصيرورتها إنسانا، فتصير بتلك القوة منيا، وتلك القوة تكون صورة حافظة لمزاج المني كالصورة المعدنية، ثم إن المني يتزايد كمالا في الرحم بحسب استعدادات يكتسبها هناك إلى أن يصير مستعدا لقبول نفس أكمل تصدر عنها مع حفظ المادة الأفعال النباتية، فتجذب الغذاء وتضيفها إلى تلك المادة فتنميها، فتتكامل المادة بتربيتها إياها فتصير تلك الصورة مصدرا لهذه الأفاعيل، وهكذا إلى أن يصير مستعدا لقبول نفس أكمل تصدر عنها الأفاعيل الحيوانية أيضا، فيتم البدن ويتكامل إلى أن يصير مستعدا لقبول نفس ناطقة تبقى مدبرة إلى حلول الأجل.