وفي الذكرى في مقام ذكر الأخبار الدالة على تعلق النفس بالأبدان: ومنها ما روي من الطريقين عنه (صلى الله عليه وآله) قال: " حياتي خير لكم ومماتي خير لكم، قالوا: يا رسول الله وكيف ذلك؟ قال: وأما حياتي فإن الله يقول: * (ما كان الله ليعذبهم وأنت فيهم) * (1) وأما مفارقتي إياكم فإن أعمالكم تعرض علي كل يوم، فما كان من حسن استزدت الله لكم، وما كان من قبيح أستغفر الله لكم، قالوا:
وقد رممت يا رسول الله... " الحديث كما سبق (2).
وفي الصحاح: بلى يبلي بلى بكسر الباء، فإن فتحتها مددت (3). وفي مجمع البحرين: بلي الثوب يبلي من باب تعب، بلى بالكسر والقصر، وبلاء بالضم والمد: خلق فهو بال، وبلي الميت أفنته الأرض (4). وهو كناية عن ذهاب بعض جسد الميت.
وفي نهاية ابن الأثير: طينة الرجل خلقه وأصله (5). وفي القاموس: الطين بالكسر الخلقة والجبلة (6). وفي مجمع البحرين: الطين معروف والطينة الخلقة (7).
وظاهر أن الأصل الذي خلق منه البشر إلا آدم أبا البشر وزوجته هو النطفة، وأما المسيح فخلق من بخارات خرجت من آدم حين عطس في أول ما عطس، وذلك لأن جبرئيل (عليه السلام) كان قد قبضه في كفه بأمر الله تعالى وحفظه إلى أن ألقاه على مريم ونفخه فيها، كذا جاء في بعض الآثار ولكن لم يحضرني الآن ألفاظه.
فالمراد بالطينة هنا ما به تتولد الأجزاء الأصلية من العظم والعصب والرباط.
فهذا الخبر إشارة إلى أن الأجزاء الفضلية والأصلية تتفرق وتتلاشى بالموت الحيواني البدني، ويبقى ما به تتكون تلك الأجزاء وهو النطفة بحاله ليكون كالمادة يخلق منها جسد الميت كما خلق منها أول مرة: إما بضم تلك الأجزاء إليها بعد