وعلى الوجهين لو كان هذا الكلام من الإمام (عليه السلام) أمرا في صورة الخبر لكان ينبغي أن يقول: إنكم تلقنون موتاكم لا إله إلا الله ومحمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) عند الموت بناء على إمكان غفلتهم عنهما معا، ونحن نلقن موتانا محمد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من غير حاجة إلى تلقين لا إله إلا الله بناء على عدم إمكان غفلتهم عنه كما فهمه (قدس سره).
وأما ثانيا: فلأن إثبات النبوة والعلم بصدق النبي (صلى الله عليه وآله) في دعواه النبوة إنما يتوقف على ظهور المعجزة على يده وإتيانه بخارق العادة، لا على خلق الأجسام وارتباط بعضها ببعض، فإن نبوة نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) قد ثبت بمجرد إتيانه بالقرآن العزيز الذي أعجز مصاقع الخطباء وأعقم أرحام أعلام البلغاء وأصلاب أعاظم فصحاء العرب العرباء، من دون توقفه على خلق الأجسام وارتباط بعضها ببعض.
نعم هذا التوقف أكثري، مثل نبوع الماء من بين أصابعه وإشباع الخلق الكثير من الطعام القليل ومكالمات الحيوان العجم وأمثال ذلك، وأما العلم بالنبوة وثبوته في نفسه يتوقف على ذلك كليا فلا.
وأما ثالثا: فلأن هذا الوجه يناقشه ما ورد في خبر آخر: " ما من أحد يحضره الموت إلا وكل به إبليس من شياطينه أن يأمره بالكفر ويشككه في دينه حتى تخرج نفسه، فإذا حضرتم موتاكم فلقنوهم شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله حتى يموتوا " (1).
وأما رابعا: فلأنه إن أريد بموتاهم (عليهم السلام) عامة عشيرتهم وأهل قبيلتهم فمن البين أن كل واحد منهم ما كان من الخواص الذين لا يقدر الشيطان على إضلالهم وإغفالهم عن التوحيد ليستغني عن تلقينه، بل كان أكثرهم من العوام، بل ربما لم يكن بعضهم من أهل المعرفة والولاية كما يشهد به التتبع. وإن أريد بهم أهل بيتهم عاما أو خصوص من ولد منهم فكذلك، فإن المراد بالخواص هنا من أخذ دينه بالكتاب والسنة، وصحح اعتقاداته بالبراهين القاطعة والأدلة القامعة بحيث