أخرجوا برحمتي، فيخرجون كما يخرج الفراش، قال: ثم قال أبو جعفر (عليه السلام): مدت العمد وأوصدت عليهم وكان والله الخلود (1). يخدشه ولا يذهب عليك أن هذا الحديث وإن كان يصدق ما قلناه أولا ولكنه بظاهره يفيد أن أحدا من أهل التوحيد مع اختلاف مذاهبهم لا يبقى مخلدا في النار، ولعلمائنا فيه خلاف، كما فصله الفاضل العلامة في شرحه على التجريد في بحث الإمامة (2) فهو مؤيد بقول من يقول بنجاتهم من النار، ولكن ليس بصريح في دخولهم الجنة، لاحتمال أن يكونوا يخرجون منها ولا يدخلون الجنة كما ذهب إليه جماعة من أصحابنا، وقد سبق في أوائل الكتاب، فتدبر.
وأما الاحتمالات الآخر - كأن يكون المراد بأهلها الملائكة الموكلين بها، يعني: أنهم إذا سألوه عن سبب عذابه فيقول في جوابهم: إنه كان مؤمنا ولكن خالف الله في أوامره ونواهيه فصار معذبا فيشفعون له تعظيما لإيمانه، أو يكون الغرض من الأخبار دفع توهم أنه كان شريكا مع المعذبين وهم أهل النار في سبب العذاب وهو الكفر، فإنهم إذا سألوه عن سببه فإنه لا محالة يقول في جوابهم:
إنه كان مؤمنا، وإذا أجابهم بذلك فإن الله يتجاوز عن سيئاته تفضلا ولا يرضى بأن يكون في النار - فخلاف الظاهر، بل بعيدة جدا وإن قال بها جمال الملة والدين الخوانساري (قدس سره) في ترجمة مفتاح الفلاح (3).
أما أولا: فلما ظهر مما قررناه ونقلناه أن المراد بأهل النار الأمة المعذبون بها أو إبليس وشياطينه الآمرون بما يوجبها، لا الملائكة الموكلون بها فإنهم أولياء الله لا أعداؤه.
وأما ثانيا: فلأن الظاهر المتبادر من كلامي الإمامين الهمامين (عليهما السلام) أن هذا الإخبار ابتدائي يجعل وسيلة للنجاة من النار وعذابها من دون سابقة سؤال.
وأما ثالثا: فلأنه لا يظهر مما أفاده (قدس سره) ما يكون سببا لوجوب تجاوزه تعالى