الله هذا آخر العهد (1) من لقائك.
قال: فلما أن قال هذه الكلمة، استعبر مولانا (عليه السلام) حتى استهلت دموعه وتقاطرت عبراته ثم قال: يا ابن إسحاق لا تكلف في دعائك شططا (2) فإنك ملاقي الله في صدرك (3) هذا.
فخر أحمد بن إسحاق مغشيا عليه، فلما أفاق قال: سألتك بالله وبحرمة جدك، إلا ما شرفتني بخرقة أجعلها كفنا.
فأدخل مولانا (عليه السلام) يده تحت البساط فأخرج له ثلاثة عشر درهما فقال (4):
خذها ولا تنفق على نفسك غيرها، فإنك لن تعدم ما سألت (إن الله لا يضيع) (5) أجر من أحسن عملا (6).
قال سعد: فلما صرنا (7) بعد منصرفنا من حضرة مولانا (عليه السلام) من حلوان (8) على ثلاثة فراسخ، حم أحمد بن إسحاق وثارت به علة صعبة أيس من حياته فيها، فلما وردنا حلوان ونزلنا في بعض الخانات، دعا أحمد بن إسحاق رجلا من أهل بلده (9) كان قاطنا بها، ثم قال: تفرقوا عني هذه الليلة وأنزلوني (10) وحدي (11). فانصرفنا (12)