تعالى: " وأحصى كل شيء عددا " (1) قال ابن الأثير: له معنيان: يكون أحصى كل شيء معدودا، فيكون نصبه على الحال، يقال: عددت الدراهم عدا، وما عد فهو معدود وعدد، كما يقال: نفضت ثمر الشجر نفضا والمنفوض نفض. ويكون (2) معنى قوله " وأحصى كل شيء عددا " أي إحصاء، فأقام عددا مقام الإحصاء لأنه بمعناه.
و في المصباح: قال الزجاج: وقد يكون العدد بمعنى المصدر كقوله تعالى: " سنين عددا " (3) وقال جماعة: هو على بابه، والمعنى: سنين معدودة، وإنما ذكرها على معنى الأعوام.
وعد الشيء: حسبه. وقالوا (4): العدد هو الكمية المتألفة من الوحدات، فيختص بالمتعدد في ذاته، وعلى هذا فالواحد ليس بعدد، لأنه غير متعدد، إذ التعدد الكثرة. وقال النحاة: الواحد من العدد، لأنه الاصل المبني منه، ويبعد أن يكون أصل الشيء ليس منه، ولأن له كمية في نفسه فإنه إذا قيل: كم عندك؟ صح أن يقال في الجواب: واحد، كما يقال: ثلاثة وغيرها. انتهى.
وفي اللسان: وفي حديث لقمان: ولا نعد فضله علينا، أي لا نحصيه لكثرته، وقيل: لا نعتده علينا منة له.
قال شيخنا: قال جماعة من شيوخنا الأعلام: إن المعروف في عد أنه لا يقال في مطاوعه: انعد على انفعل، فقيل: هي عامية، وقيل رديئة. وأشار له الخفاجي في شرح الشفاء.
وجمع العد الأعداد وفي الحديث: " أن أبيض بن حمال المازني قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فاستقطعه الملح الذي بمأرب (5)، فأقطعه إياه، فملا ولى قال رجل: يا رسول الله، أتدري ما أقطعته؟ إنما أقطعت (6) له الماء العد. قال. فرجعه منه ". قال الليث: العد، بالكسر موضع يتخذه الناس يجتمع فيه ماء كثير. والجمع الأعداد.
قال الأزهري: غلط الليث في تفسير العد ولم يعرفه. قال الأصمعي: الماء العد هو الجاري الدائم الذي له مادة لا تنقطع، كماء العين والبئر. وفي الحديث " نزلوا أعداد مياه الحديبية " أي ذوات المادة كالعيون والآبار، قال ذو الرمة يذكر امرأة حضرت ماء عدا بعد ما نشت مياه الغدران في القيظ، فقال:
دعت مية الأعداد واستبدلت بها * خناطيل آجال من العين خذل استبدلت بها يعني منازلها التي ظعنت عنها حاضرة أعداد المياه فخالفتها إليها الوحش وأقامت في منزلها، وهذا استعارة، كما قال:
ولقد هبطت الواديين وواديا * يدعو الأنيس بها الغضيض الأبكم وقيل: العد ماء الأرض الغزير. وقيل: العد: ما نبع من الأرض، والكرع: ما نزل من السماء.
وقيل: العد: الماء القديم الذي لا ينتزح، قال الراعي:
في كل غبراء مخشي متالفها * ديمومة ما بها عد ولا ثمد (7) وقال أبو عدنان: سألت أبا عبيدة عن الماء العد، فقال لي: الماء العد بلغة تميم: الكثير. قال: وهو بلغة بكر بن وائل: الماء القليل. قال: بنو تميم يقولون: الماء العد مثل كاظمة، جاهلي إسلامي لم ينزح قط. وقالت لي الكلابية: الماء العد: الركي. يقال: أمن العد هذا أم من ماء السماء. وأنشدتني:
وماء ليس من عد الركايا * ولا جلب السماء قد استقيت