يرضى به الرب. والأول أقوى وأشق، فلذا قيل: تسقط العبادة في الآخرة لا العبودة، لأن العبودة أن لا يرى متصرفا في الدارين في الحقيقة إلا الله.
قال شيخنا: وهذا ملحظ صوفي لا دخل للأوضاع اللغوية فيه.
وفي اللسان: ولا فعل له عند أبي عبيد.
قلت: وهو الذي جزم به أكثر شراح الفصيح. وحكى اللحياني: عبد عبودة وعبودية.
قلت: وأوضح منه قول ابن القطاع في كتاب الأفعال، فقال عبد العبد عبودة وعبودية، وأما عبد الله فمصدره: عبادة وعبودة وعبودية، أي أطاعه.
وفي اللسان: وعبد الله يعبده عبادة ومعبدا: تأله له.
وقال الأزهري: اجتمع العامة على تفرقة ما بين عباد الله، والمماليك، فقالوا: هذا عبد من عباد الله، وهؤلاء عبيد مماليك. قالك ولا يقال عبد يعبد عبادة إلا لمن يعبد الله، ومن عبد [من] (1) دونه إلها فهو من الخاسرين، قال: وأما عبد خدم مولاه فلا يقال عبده. قال الليث: ويقال للمشركين: هم عبدة الطاغوت، ويقال للمسلمين: عباد الله يعبدون الله. وقال الله عز وجل: " اعبدوا ربكم " (2) أي أطيعوا ربكم.
وقوله " إياك نعبد وإياك نستعين " (3) أي نطيع الطاعة التي يخضع (4) معها، قال ابن الأثير (5): ومعنى العبادة في اللغة: الطاعة مع الخضوع.
وقوله تعالى: " قل هل أنبئكم بشر من ذلك مثوبة عند الله من لعنه الله وغضب عليه وجعل منهم القردة والخنازير وعبد الطاغوت " (6).
قرأ أبو جعفر، وشيبة، ونافع، وعاصم، وأبو عمرو والكسائي: " وعبد الطاغوت " قال الفراء: وهو معطوف على قوله: عز وجل " وجعل منهم القردة والخنازير " ومن عبد الطاغوت.
وقال الزجاج: هو نسق على: " من لعنه الله "، المعنى: من لعنه الله، ومن عبد الطاغوت من دون الله، عز وجل، أي أطاعه، يعني الشيطان فيما سول له وأغواه. قال الجوهري: وقرأ بعضهم: " وعبد الطاغوت " وأضافه قال: والمعنى، فيما يقال: خدم الطاغوت. وقد تقدم فيه الكلام. وقال الليث: [ومن قرأ:] (7) " وعبد الطاغوت " معناه: صار الطاغوت يعبد، كما يقال: ظرف الرجل وفقه. وقد غلطه الأزهري. وقرأ ابن عباس: " وعبد الطاغوت " بضم العين، وتشديد الموحدة، جمع عابد، كشاهد وشهد وقرئ: " وعبد الطاغوت " محركة وخفض الطاغوت، وهو أيضا جمع عابد، وأصله: عبدة، ككافر وكفرة، حذفت منه الهاء وقرئ " وعابد الطاغوت " مثل: ضارب الرجل، وهي قراءة ابن أبي زائدة، وقرئ " وعبد الطاغوت " وجمع عابد. قال الزجاج: هو جمع عبيد، كرغيف ورغف، وهي قراءة يحيى بن وثاب، وحمزة (8). وروي عن النخعي أنه قرأ: " وعبد (9) الطاغوت " بإسكان الباء، وفتح الدال.
وقرئ " وعبد الطاغوت "، بفتح فسكون، وفيه وجهان: أحدهما أن يكون مخففا من عبد، كما يقال: في عضد: عضد. وجائز أن يكون عبد اسم الواحد يدل على الجنس، ويجوز في عبد النصب والرفع. وذكر الفراء أن أبيا وعبد الله قرآ " وعبدوا الطاغوت ". وروي عن بعضهم أنه قرأ " وعباد الطاغوت ".
قلت: ونسبها ابن أبي واقد، قال الأزهري: وروي عن ابن عباس " وعبد الطاغوت ": مبنيا للمجهول. وروي عنه أيضا: " وعبد الطاغوت " بضم، فتشديد،، معناه عباد الطاغوت. وقرئ: " وعبد الطاغوت " مبنيا للمجهول، كضرب، وهي قراءة أبي جعفر، وقرأ أبي بن كعب " وعبدة