الفراء: أنا لم أسمعها من العرب، ولكن الرؤاسي ثقة. وفي ديوان الأدب للفارابي: أنبذ الرباعي لغة ضعيفة وفي النهاية: يقال: نبذت التمر والعنب، إذا تركت عليه الماء ليصير نبيذا، فصرف من مفعول إلى فعيل، وحققه شيخنا فقال نقلا عن بعضهم: إن النبيذ وإن كان في الأصل فعيلا بمعنى مفعول، ولكنه تنوسي فيه ذلك وصار اسما للشراب، كأنه من الجوامد، بدليل جمعه على أنبذة، ككثيب وأكثبة، وفعيل بمعنى مفعول لا يجمع هذا الجمع، والله أعلم.
وفي المحكم: وإنما سمي نبيذا لأن الذي يتخذه يأخذ تمرا أو زبيبا فينبذه (1) في وعاء أو سقاء عليه الماء ويتركه حتى يفور [ويهدر] (2) فيصير مسكرا، والنبذ: الطرح، وهو ما لم يسكر حلال، فإذا أسكر حرم (3) وقد تكرر ذكره في الحديث. وانتبذته: اتخذته نبيذا، وسواء كان مسكرا أو غير مسكر فإنه يقال له نبيذ، ويقال للخمر المعتصر من العنب: نبيذ، كما يقال للنبيذ: خمر. والمنبوذ: ولد الزنا، لأنه ينبذ على الطريق، وهو المنابذة، والأنثى منبوذة ونبيذة، وهم المنبوذون، لأنهم يطرحون. المنبوذة: التي لا تؤكل من هزال، شاة كانت أو غيرها، وذلك لأنها تنبذ، كالنبيذة، وهذه عن الصاغاني، قال أبو منصور: المنبوذ: الصبي تلقيه أمه في الطريق حين تلده فيلتقطه رجل من المسلمين ويقوم بأمره (4)، وسواء حملته أمه من زنا (5) أو نكاح، لا يجوز أن يقال له ولد الزنا، لما أمكن في نسبه من الثبات. من المجاز: الانتباذ: التنحي والاعتزال، يقال: انتبذ عن قومه إذا تنحى، وانتبذ فلان إلى ناحية، أي تنحى ناحية، قال الله تعالى في قصة مريم " إذ انتبذت من أهلها مكانا شرقيا " (6) الانتباذ: تحيز كل واحد من الفريقين في الحرب، كالمنابذة، وقد نابذهم الحرب، ونبذ إليهم على سواء، ينبذ، أي نابذهم الحرب. وفي التنزيل " فانبذ إليهم على سواء " (7) قال اللحياني، أي على الحق والعدل. ونابذه الحرب: كاشفه: والمنابذة: انتباذ الفريقين للحق. وقال أبو منصور: المنابذة: أن يكون بين فريقين مختلفين عهد وهدنة بعد القتال ثم أرادا نقض ذلك العهد فينبذ كل واحد منهما إلى صاحبه العهد الذي تهادنا (8) عليه، ومنه قوله تعالى " وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء " المعنى: إن كان بينك وبين قوم هدنة فخفت منهم نقضا للعهد فلا تبادر إلى النقض حتى تلقي إليهم أنك قد نقضت ما بينك وبينهم، فيكونوا معك في علم النقض والعود إلى الحرب مستوين. وفي حديث سلمان " وإن أبيتم نابذناكم على سواء " أي كاشفناكم وقاتلناكم على طريق مستقيم مستوفي العلم بالمنابذة منا ومنكم، بأن نظهر (9) لهم العزم على قتالهم، ونخبرهم به إخبارا مكشوفا. والنبذ يكون بالفعل والقول في الأجسام والمعاني، ومنه نبذ العهد، إذا نقضه وألقاه إلى من كان بينه وبينه، في الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن المنابذة في البيع والملامسة. قال أبو عبيد: المنابذة هو: أن تقول لصاحبك انبذ إلي الثوب أو غيره من المتاع أو انبذه إليك، وقد وجب البيع بكذا وكذا، ويقال له بيع الإلقاء، كما في الأساس، أو هو: أن ترمي إليه بالثوب ويرمي إليك بمثله. وهذا عن اللحياني أو: أن تقول: إذا نبذت الحصاة إليك فقد وجب البيع، ومما يحققه الحديث الآخر أنه نهى عن بيع الحصاة، فيكون البيع معاطاة من غير عقد، ولا يصح.
والمنبذة، كمكنسة: الوسادة المتكأ عليها، هذه عن اللحياني، وفي حديث عدي بن حاتم " أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر له، لما أتاه، بمنبذة، وقال: إذا أتاكم كريم قوم فأكرموه "