التي (1) استخلصها لنفسه ولا يشركه فيها شيء، وليس كقولك: الله واحد وهذا شيء واحد، ولا يقال شيء أحد وإن كان بعض اللغويين قال: إن الأصل في الأحد وحد. وهي، أي الأنثى وحدة، بفتح فكسر فقط، ولذا عدل عن اصطلاحه وهو قوله وهي بهاء، لأنه لو قال ذلك لاحتمل أو تعين أن يرجع للألفاظ التي تطلق على المذكر مطلقا، قاله شيخنا، قلت: وهذا حكاه أبو علي في التذكرة، وأنشد:
* كالبيدانة الوحده * قال الأزهري: وكذلك فريد وفرد وفرد.
وأوحده للأعداء: تركه، أوحد الله تعالى جانبه، أي بقي وحده، في الأساس: أوحد الله فلانا: جعله واحد زمانه، أي بلا نظير، وفلان واحد دهره، أي لا نظير له، وكذا أوحد أهل زمانه. وأوحدت الشاة: وضعت واحدة، مثل أفذت وأفردت، وهي موحد ومفذ ومفرد، إذا كانت تلد واحدا ومنه حديث عائشة تصف عمر، رضي الله عنهما لله أم (2) حفلت عليه ودرت، لقد أوحدت به، أي ولدته وحيدا فريدا لا نظير له.
ويقال دخلوا موحد موحد، بفتح الميم والحاء، وأحاد أحاد، أي فرادى واحدا واحدا، معدول عنه، أي عن واحد واحد اختصارا، قال سيبويه. فتحوا موحد إذا كان اسما موضوعا ليس بمصدر ولا مكان، ويقال جاءوا مثنى مثنى وموحد موحد، وكذلك جاءوا ثلاث وثناء وأحاد، وفي الصحاح: وقولهم أحاد ووحاد وموحد، غير مصروفات، للتعليل المذكور في ثلاث.
ورأيته، والذي في المحكم: ومررت به وحده، مصدر لا يثنى ولا يجمع ولا يغير عن المصدر، وهو بمنزلة قولك إفرادا. وإن لم يتكلم به، وأصله أوحدته بمروري إيحادا، ثم حذفت زياداته فجاء على الفعل، ومثله قولهم: عمرك الله إلا فعلت، أي عمرتك الله تعميرا. وقال أبو بكر: وحده منصوب في جميع كلام العرب إلا في ثلاثة مواضع (3) تقول. لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ومررت بزيد وحده وبالقوم وحدي (4)، قال: وفي نصب وحده ثلاثة أقوال: نصبه على الحال، وهذا عند البصريين، قال شيخنا المدابغي في حاشية التحرير: وحده منصوب على الحال، أي منفردا بذلك، وهو في الأصل مصدر محذوف الزوائد، يقال أوحدته إيحادا أي أفردته. لا على المصدر، وأخطأ الجوهري، أي في قوله: وعند أهل البصرة على المصدر في كل حال، كأنك قلت أوحدته برؤيتي إيحادا، أي لم أر عيره. وهذه التخطئة سبقه بها ابن بري كما يأتي النقل عنه، ويونس منهم ينصبه على الظرف بإسقاط على، فوحده عنده بمنزلة عنده، وهو القول الثاني، والقول الثالث أنه منصوب على المصدر، وهو قول هشام، قال ابن بري عند قول الجوهري رأيته وحده منصوب على الظرف عند أهل الكوفة وعند أهل البصرة، قال: أما أهل البصرة فينصبونه على الحال، وهو عندهم اسم واقع موقع المصدر المنتصب على الحال، مثل جاء زيد ركضا، أي راكضا، قال: ومن البصريين من ينصبه على الظرف، قال: وهو مذهب يونس، قال: فليس ذلك مختصا بالكوفيين كما زعم الجوهري، قال: وهذا الفصل له باب في كتب النحويين مستوفى فيه بيان ذلك، أو هو اسم ممكن، وهو قول ابن الأعرابي، جعل وحده اسما ومكنه، فيقال جلس وحده، وعلى وحده، وجلسا على وحدهما، على وحديهما، وجلسوا على وحدهم. وفي التهذيب: والوحد، خفيف: حدة كل شيء، يقال: وحد الشيء فهو يحد حدة، وكل شيء على حدة (5) يقال: هذا على حدته، وهما على حدتهما، وهم على حدتهم. وعلى وحده أي توحده. وفي حديث جابر ودفن ابنه (6) فجعله في قبر على حدة أي منفردا وحده،