وحدان، فقلبت الواو همزة لانضمامها، قال الهذلي:
يحمي الصريمة أحدان الرجال له * صيد ومجترئ بالليل هماس قال ابن سيده: فأما قوله:
طاروا إليه زرافات وأحدانا * فقد يجوز أن يعني: أفرادا، وهو أجود، لقوله: زرافات، وقد يجوز أن يعني به الشجعان الذين لا نظير لهم في البأس.
والواحد بمعنى الأحد، همزته أيضا بدل من الواو، وروى الأزهري عن أبي العباس أنه سئل عن الآحاد أهي جمع الأحد؟ فقال: معاذ الله، ليس للأحد جمع، ولكن إن جعلت جمع الواحد فهو محتمل مثل شاهد وأشهاد، قال: وليس للواحد تثنية ولا للاثنين واحد من جنسه، وقال أو إسحاق النحوي: الأحد أصله الوحد، وقال غيره: الفرق بين الواحد والأحد أن الأحد شيء بني لنفي ما يذكر معه من العدد، والواحد اسم لمفتتح العدد، وأحد يصلح في الكلام في موضع الجحود (1)، وواحد في موضع الإثبات، يقال: ما أتاني منهم أحد، فمعناه: لا واحد أتاني ولا اثنان، وإذا قلت جاءني منهم واحد، فمعناه أنه لم يأتني منهم اثنان (2)، فهذا حد الأحد، ما لم يضف، فإذا أضيف قرب من معنى الواحد، وذلك أنك تقول: قال أحد الثلاثة كذا وكذا، وأنت تريد واحدا من الثلاثة، والواحد بني على انقطاع النظير وعوز المثل، والوحيد بني على الوحدة والانفراد عن الأصحاب من طريق بينونته عنهم.
وحد، كعلم وكرم، يحد، فيهما قال شيخنا: كلاهما مما لا نظير له، ولم يذكره أئمة اللغة والصرف فإن وحد كعلم يلحق بباب ورث، ويستدرك به على الألفاظ التي أوردها الشيخ ابن مالك في مصنفاته الكافية والتسهيل، وأشار إليها في لامية الأفعال الثمانية، واستدرك الشيخ بحرق في شرحها عليه ألفاظا من القاموس، وأغفل هذا اللفظ، مع أنه أوضح مما استدركه عليه لو صح، لأن تلك فيها لغات تخرج على التداخل، وأما هذا فهو من بابها نصا على ما قاله، ولو وزنه بورث لكان أقرب للصناعة، وأجرى على قواعده، وأما اللغة الثانية فلا تعرف، ولا نظير لها، لأن فعل بالضم قد تقرر أن مضارعه إنما يكون على يفعل بالضم، وشذ منه لبب، بالضم، يلبب، بالفتح، ومع ذلك أنكروه وقالوا هو من التداخل، كما ذكرنا هنالك، أما فعل بالضم يكون مضارعه يفعل، بالكسر، فهذا من الغرائب التي لم يقلها قائل، ولا نقلها ناقل، نعم ورد عكسه، وهو فعل، بالكسر، يفعل بالضم، في فضل، بالكسر، يفضل، بالضم، ونعم ينعم لا ثالث لهما، كما قاله ابن القوطية، وغيره، فصوب الأكثرون أنه من التداخل، وبما قررناه يعلم أن كلام المصنف فيه مخالفة لكلام الجمهور من وجوه، فتأمل، وفي المحكم وحد ووحد وحادة، كسحابة ووحودة ووحودا، بضمهما، ولم يذكرهما ابن سيده، ووحدا، بفتح فسكون، ذكره ابن سيده، ووحدة بالضم، لم يذكره ابن سيده، وحدة كعدة، ذكره ابن سيده: بقي مفردا، كتوحد. والذي يظهر لي أن لفظة فيهما يجب إسقاطها فيعتدل كلام المصنف ويوافق الأصول والقواعد، وذلك لأن اللغتين ثابتتان في المحكم، وفي التكملة وحد ووحد، ونظره الصاغاني فقال: وكذلك فرد وفرد، وفقه وفقه، وسقم وسقم، وسفه وسفه. قلت: وهو نص اللحياني في نوادره، وزاد: فرع وفرع وحرض وحرض، وقال في تفسيره: أي بقي وحده، انتهى، فتأمل، وفي حديث ابن الحنظلية وكان رجلا متوحدا أي منفردا لا يخالط الناس ولا يجالسهم.
ووحده توحيدا: جعله واحدا، وكذا أحده، كما يقال ثناه وثلثه، قال ابن سيده: ويطرد إلى العشرة عن الشيباني.
ورجل وحد وأحد محركتين، ووحد، ككتف، ووحيد، كأمير، ووحد: كعدل، ومتوحد، أي منفرد. ورجل وحيد: لا أحد معه يؤنسه، وأنكر الأزهري قولهم رجل أحد، فقال لا يقال رجل أحد ولا درهم أحد، كما يقال رجل واحد (3)، أي فرد، لأن أحدا من صفات الله عز وجل