ولا بأس أن نركب مذهبا خامسا، من هذه المذاهب، ومما قال المالكي 1، فيهما، فنقول:
انهم أرادوا ابتداء غاية للزمان خاصة، فأخذوا لفظ (من) الذي هو مشهور في ابتداء الغاية، وركبوه مع (إذ)، الذي هو للزمان الماضي، وإنما حملنا على تركيبه من كلمتين: وجود معنى الابتداء والوقت الماضي في جميع مواقع منذ، كما يجيئ، وهما معنى: من، وإذ، فغلب على الظن تركبه منهما، مع مناسبة لفظة للفظهما، وأمور النحو أكثرها ظني، فنقول:
حذف لأجل التركيب همزة (إذ) فبقي: منذ، بنون وذال ساكنين، وحق (إذ) أن يضاف إلى الجمل، والإضافة إليها كلا إضافة، كما مر، فضموا الذال لما أحوجوا إلى تحريكها للساكنين، تشبيها له بالغايات المتمكنة في الأصل كقبل وبعد، لما صار على ثلاثة أحرف، بخلاف (إذ) قبل التركيب، فإنه وإن كان واجب الإضافة إلى الجمل، إلا أن وضعه وضع الحروف، فلم يشبه الغايات المعربة الأصل، كما شابهها (حيث)، فكأنه حرف، لا اسم مضاف، وذلك أن أكثر ما يضاف: اسم على ثلاثة أحرف أو أكثر، فبقي: منذ، كما هو اللغة السليمية، ثم استثقلوا الخروج من الكسر إلى ضم لازم مع أن بينهما حاجزا غير حصين، فضموا الميم اتباعا للذال، ثم أنهم جوزوا تخفيفه بحذف النون، أيضا، فإذا كان كذا، رجع الذال إلى السكون الأصلي، إذ التحريك إنما كان للساكنين، والغرض من هذا التركيب: تحصيل كلمة تفيد تحديد زمان فعل مذكور مع تعيين ذلك الزمان المحدود، كتحديد زمان عدم الرؤية في نحو: ما رأيته منذ يوم الجمعة، وتحديد الزمان مع تعيينه يحصل: إما بذكر مجموع ذلك الزمان من أوله إلى آخره، المتصل بزمان التكلم، نحو: منذ يومان، ومذ اليومان ومذ سنتان، ومذ زيد قائم، إذا امتد قيامه