وهما عند البصريين شاذان، 1 قوله: (فإن قصد غيره)، يعني قصد التفضيل من معاني الأشياء التي تعذر بناء أفعل التفضيل من ألفاظها، وهي ذو الزيادة والرباعي والألوان والعيوب الظاهرة، بنى أ فعل من فعل يصح بناء أفعل، منه، في حسن، أو كثرة، أو غير ذلك على حسب غرضك الذي تقصده ثم يؤتى بمصادر تلك الأفعال التي امتنع بناء أفعل منها، فتنصب على التمييز، لتحقق معنى التمييز عن النسبة فيها، نحو: أقبح عورا، وأشد بياضا، وأسرع انطلاقا، وأكثر دحرجة، ونحو ذلك، وهو عند سيبويه: قياس من باب أفعل مع كونه ذا زيادة، ويؤيده كثرة السماع، كقولهم: هو أعطاهم للدينار، وأولادهم للمعروف، وأنت أكرم لي من فلان، وهو كثير، ومجوزه قلة التغيير، لأنك تحذف منه، وترده إلى الثلاثي ثم تبني منه أفعل التفضيل، فتخلف همزة التفضيل همزة الأفعال 2 وهو عند غيره سماعي مع كثرته، ونقل عن المبرد والأخفش، جواز بناء أفعل التفضيل من جميع الثلاثي المزيد فيه، كانفعل واستفعل ونحوهما، قياسا، وليس بوجه، لعدم السماع وضعف التوجيه فيه بخلاف أفعل، قوله: (وقياسه للفاعل) يعني قياسه أن يكون لتفضيل الفاعل على غيره في الفعل، كأضرب، أي ضارب أكثر ضربا من سائر الضاربين، ولا يقال: أضرب، بمعنى مضروب أكثر مضروبية من سائر المضروبين، وإنما كان القياس في الفاعل دون المفعول، لأنهم لو جعلوه مشتركا بين الفاعل والمفعول، لكثر الاشتباه لاطراده، وأما سائر الألفاظ المشتركة فاغتفر فيها الاشتباه لقلتها، لكونها سماعية، فأرادوا جعله في أحدهما أظهر دون الآخر، فجعلوه في الفاعل قياسا لكونه أكثر من المفعول، إذ لا مفعول إلا وله فاعل في الأغلب، ولا ينعكس، وإنما قلنا في الأغلب،
(٤٥١)