على ما ذكرنا من أنه يجوز تصدير الجملة التي بعدها بحرف مصدري لكونهما غير صريحين في الظرفية، فتقول: منذ أن الله خلقني، ويجوز أن يدعى أن (منذ) في مثله مضاف إلى قوله محذوف أحد جزأيها، كما يجيئ بعد في المصدر الصريح، نحو: منذ سفره، : حذف أحد جزأي الجملة المضاف إليها وجوبا، إذا كان الباقي مجموع زمان أوله إلى آخره المتصل بزمان التكلم، معرفة كان أو نكرة، نحو: منذ يومان، ومنذ رجب، إذا كنت في شهر رجب، ومنذ شهر نحن فيه، ومنذ شهرنا، أو كان الباقي أول الزمان المتصل آخره بزمان التكلم، كما ذكرنا قبل، معرفة كان أو نكرة، نحو: أقرؤه منذ يوم الجمعة، ومنذ يوم قدم فيه زيد، ومثل هذا الحد يجوز ثبوت القراءة فيه ويجوز انتفاؤها في جميع أجزائه، وذلك لجواز دخول الحد في المحدود وخروجه منه، وما بعد الحد، يجب ثبوت القراءة فيه، بلا ريب، ويجوز كون الزمان المراد به (الأول)، معدودا، أيضا بشرط ألا يكون العدد مقصودا، بل يكون المراد مجرد الزمان المخصوص، نحو: ما رأيته منذ سنة المجاعة، ومذ شهر رجب، ومذ يوما لقائك، ومذ عشر ذي الحجة، وأما ان قصدت العدد، كقولك: ما لقيته منذ عشر ذي الحجة، وأنت تريد أن الرؤية انقطعت في اليوم الأول إلى الآن، وكذا اليوم الثاني إلى الآن، وكذا اليوم الثالث، وهكذا إلى آخر العشر، فهو محال، لأنه إذا انقطعت في اليوم الأول إلى الآن، فكيف تبقى حتى تنقطع في الثاني والثالث، بل المقصود أنها انقطعت قبل العشرة، إن قلنا بدخول الحد في المحدود في نحو: ما رأيته منذ يوم الجمعة، وإن لم نقل به فالمعنى أنها انقطعت في يوم غير معين من أيام العشر لأن أيامها، إذن، كساعات يوم الجمعة في: منذ يوم الجمعة أو عند انقضائها، ويجوز، أيضا، حذف أحد جزأي الجملة، إذا كان الباقي مصدرا دالا على أحد الزمانين المذكورين بقرينة الحال، نحو: منذ نوم زيد، إذا كان وقت الكلام نائما، ومنذ خروج زيد، إذا مضى خروجه، وإنما وجب حذف أحد الجزأين في الموضع المقيد بما ذكرنا، وإن لم يسد مسد المحذوف شئ، لقيام القرينة مع كثرة الاستعمال، وتقدير الأول: منذ ابتدأ يومان، على حذف
(٢١٣)