على طول الزمان، نحو: منذ حين، ومنذ سنين، وذلك خلاف وضعه، لأن (إذ) لتعيين الزمان، وهذا كما وضع (حتى) لتعيين النهاية ثم قيل: حتى حين، وحتى مدة، فعلى ما مر، لا بد لمنذ، في كل موضع دخله، من معنى ابتداء الغاية، ولا يكون بمعنى (في) وحده، كما يجيئ، وهذا الذي ذكرنا، وإن كان في بعض مواضعه أدنى تعسف 1، فان ذلك يجوز أن يغتفر، مع قصد جعله في جميع استعمالاته راجعا إلى أصل واحد وعلى وتيرة واحدة، ولنرجع إلى شرح ما في الكتاب 2 من أحكام مذ، ومنذ، وهو مذهب جمهور البصريين، قال: (مذ ومنذ بمعنى أول المدة، فيليهما المفرد المعرفة)، مذهبهم أنه إذا ارتفع الاسم بعدهما، فهما اسمان في محل الرفع بالابتداء، ولهما معنيان: إما أول مدة انتفاء الرؤية: يوم الجمعة، فإذا كانا بهذا المعنى وجب أن يليهما من الزمان مفرد معرفة، ويجوز كما ذكرنا، أن يكون هذا الحد، غير مفرد، نحو: ما رأيته منذ اليومان اللذان عاشرتنا فيهما، إذا لم يكن العدد مقصودا، وكذا يجوز أن يكون نكرة، نحو: ما رأيته منذ يوم لقيتني فيه، إذ المقصود بيان زمن مختص، وإما جميع 3 مدة الفعل الذي قبلهما، مثبتا كان الفعل أو منفيا، نحو: صحبني منذ يومان، أي: مدة صحبته يومان، ومذ اليوم ومذ اليومان، وقد تقدم أنه يجب أن يليه مجموع زمان الفعل من أوله إلى آخره المتصل بزمان التكلم، ولا يشترط كون ذلك المجموع مقصودا فيه العدد، وذلك لأنك تقول: ما لقيناه مذ عمرنا، ومذ زماننا، مع
(٢١٥)