للفظ هذا الاسم المركب، وقال بعض البصريين: هما اسمان على كل حال، فإن خفض بهما فعلى الإضافة، وعلة البناء عند هؤلاء، أما في حال رفع ما بعدهما، فلما يجيئ من كون المضاف إليه جملة، كما في (حيث)، وأما في حال جره، فلتضمنهما معنى الحرف، لأن معنى، منذ يوم الجمعة، من حد يوم الجمعة ومن تاريخه، فهما بمعنى الحد المضاف إلى الزمان متضمنا معنى (من)، ومعنى، مذ شهرنا: من أول شهرنا، وكذا معنى مذ شهر: من أول شهر قبل وقتنا، على ما سيجيئ من أنه لا بد لمذ ومنذ من معنى ابتداء الزمان في جميع متصرفاتهما، فإذا تقرر هذا قلنا: إذا انجر ما بعدهما ففيهما مذهبان: الجمهور على أنهما حرفا جر، وبعض البصريين على أنهما اسمان، وإذا لم ينجر ما بعدهما فلا خلاف في كونهما اسمين، لكن في ارتفاع ما بعدهما أقوال:
الأول: لجمهور البصريين: أنهما مبتدآن ما بعدهما خبرهما، على ما يجيئ تقريره، والثاني: لأبي القاسم الزجاجي 1: أنهما خبرا مبتدأين، مقدمان، فإن مفسر الزجاجي مذ ومنذ، بأول المدة وجميع المدة مرفوعين، كما يجيئ من تفسير البصريين، فهو غلط، لأنك إذا قلت: أول المدة: يومان فأنت مخبر عن الأول، باليومين، وأيضا، كيف تخبر عن النكرة المؤخرة بمعرفة مقدمة، والزمان المقدر لا يصحح تنكير المبتدأ المؤخر، إلا إذا انتصب على الظرفية، نحو: يوم الجمعة قتال، وإن فسرهما بظرف، كما تقول مثلا في، ما رأيته منذ يوم الجمعة، أي: مع انتهائها، أي: انتهاء الرؤية يوم الجمعة، وفي: ما رأيته مذ يومان: أي عقيبها وبعدها، أي:
بعد الرؤية يومان، فله وجيه 2، مع تعسف عظيم من حيث المعنى، والثالث والرابع: قولا الفراء، وبعض الكوفيين، كما تقدم،