يكون أصله الضم فخفف، فلما احتيج إلى التحريك للساكنين رد إلى أصله، كما في نحو: لهم اليوم، وكسر ميم مذ ومنذ، لغة سليمية، قال الأخفش: منذ، لغة أهل الحجاز، وأما مذ، فلغة بني تميم وغيرهم، ويشاركهم فيه أهل الحجاز، وحكى أيضا أن الحجازيين يجرون بهما مطلقا، والتميميين يرفعون بهما مطلقا، وجمهور العرب إذا استعملوا (منذ) الذي هو لغة أهل الحجاز على ما حكى أولا:
ى) رون بهما معا في الحاضر اتفاقا، وإنما الخلاف بينهم في الجر بهما في الماضي، ولا يستعملان في المستقبل اتفاقا، قال الفراء، منذ، مركبة من (من) و (ذو)، ولعل اللغة السليمية 1 غرته، فالمرفوع عنده في نحو: منذ يوم الجمعة: خبر مبتدأ محذوف، أي: من الذي هو يوم الجمعة، أي من الوقت الذي هو يوم الجمعة، على حذف الموصوف و (ذو) طائية، وينبغي أن يكون التقدير عنده في نحو: ما رأيته منذ يومان: من ابتداء الوقت الذي هو يومان، على حذف المضاف قبل الموصوف ليستقيم المعنى، وقال بعض الكوفيين: أصل منذ: من إذ، فركبا، وضم الذال للساكنين، فالمرفوع فاعل فعل مقدر، فتقدير منذ يوم الجمعة: من إذ مضى يوم الجمعة، أي من وقت مضى يوم الجمعة، وينبغي أن يكون التقدير عنده في نحو: ما رأيته منذ يومان: من إذ ابتدأ يومان، أي: إذ ابتدأ اليومان اللذان قبل هذا الوقت بدخولهما في الوجود، أي من وقت ابتداء يومين، وأثر التكلف على المذهبين: ظاهر لا يخفي، وينبغي ألا تكون (منذ) الجارة، على المذهبين، مركبة، إذ يتعذر التأويلان المذكوران في الجارة، بل تكون حرفا موافق اللفظ،