أحرف، بناء من الواضع على ما يعلم من كونها حال الاستعمال في الكلام مبنية لمشابهتها للمبني، على ذكرنا في صدر الكتاب، في حد الأعراب، فلا يجوز أن يكون بناؤها مبنيا على وضعها وضع الحروف، فالوجه، إذن، في بناء لدن أن يقال: إنه زاد على سائر الظروف غير المتصرفة في عدم التصرف بكونه، مع عدم تصرفه، لازما لمعنى الابتداء فتوغل في مشابهة الحروف، دونها، وأما (لدى) وهو بمعنى (عند) فلا دليل على بنائه، ومعنى (عند): القرب حسا أو معنى، نحو: عندي أنك غني، وربما فتحت عينه أو ضمت، ويلزمها النصب إلا إذا انجرت بمن، ومن حذف نون (لدن) لم يجوز حذفها مع الإضافة، فلا يقول: من لده، بل:
من لدنه، ولدنك، وتجر (لدن) ما بعدها بالإضافة لفظا إن كان مفردا، وتقديرا إن كان جملة، وإن كان ذلك 1 لفظ (غدوة)، جاز نصبها أيضا، مع الجر، وقد ترفع، أما النصب، فإنه وإن كان شاذا، فوجهه كثرة استعمال لدن مع غدوة، دون سائر الظروف، كبكرة، وعشية وكون دال لدن قبل النون الساكنة، تفتح وتضم وتكسر كما سبق في لغاتها، ثم قد تحذف نونه، فشابهت حركات الدال حركات الأعراب من جهة تبدلها، وشابهت النون التنوين من جهة جواز حذفها، فصار لدن غدوة، في اللفظ، كراقود خلا، فنصبها تشبيها بالتمييز، أو تشبيها بالمفعول الذي هو الأصل نحو: ضارب زيدا، 2 وغدوة، بعد لدن، لا تكون إلا منونة، وإن كانت معرفة، أيضا، إما تشبيها بالتمييز، فإنه لا يكون إلا نكرة، وإما لأننا لو حذفنا التنوين، لم يدر أمنصوبة هي أم مجرورة، وأما الرفع فعلى حذف أحد جزأي الجملة، أي: لدن كان غدوة، كما قلنا في:
مذ يوم الجمعة،