الأطراف بعد حصول العلم الإجمالي من جهة أنه بتلف بعضها لا يقطع بذهاب التكليف الواقعي، بل يحتمل، ومعه قلتم بلزوم الاجتناب عن سائر الأطراف، نظرا إلى تنجز المعلوم الإجمالي على المكلف ولزوم الخروج عن عهدته على سبيل الجزم، فما هو المناط في لزوم الاجتناب عن سائر الأطراف ثمة موجود بعينه فيما نحن فيه.
لأنا نقول: حصول العلم التفصيلي فيما نحن فيه قد يكون موجبا لسريان الشك إلى العلم الإجمالي السابق، بمعنى أنه إذا علم المكلف بحرمة بعض الأطراف تفصيلا أو بنجاسته كذلك، فيحتمل حدوث الحرمة أو النجاسة فيه من الآن، مع احتمال عدم حرام أو نجس دون هذا من قبل، فيشك أنه هل في زمن حصول العلم الإجمالي كان محرم في الواقع بين الأطراف، أو لا؟ فحينئذ فلا إشكال في عدم لزوم الاجتناب عن سائر الأطراف، فإن غاية ما هنا أنه اعتقد بوجود محرم مردد بين الأطراف، والآن زال هذا الاعتقاد، فهو كان معتقدا لتنجز تكليف عليه في السابق، لكن الآن زال ذلك الاعتقاد، فالآن ليس له علم بتكليف منجز عليه في السابق حتى يجب الخروج من عهدته، وقياس ذلك بما ذكر واضح الفساد كما لا يخفى.
وقد لا يكون [موجبا لسريان الشك إلى العلم الإجمالي بالمعنى المذكور، بل الآن - أيضا - قاطع بوجود محرم مردد بين الأطراف في السابق، لكن يحتمل كونه هو هذا المعلوم بالتفصيل، فنقول - حينئذ -: إن لزوم الاجتناب عن أطراف المعلوم الإجمالي عند العقل إنما هو من آثار إجمال ذلك المعلوم، فإن التكليف المتوجه من الشارع إنما هو بأحد تلك الأطراف في الواقع، وهو - أولا وبالذات - لا يقتضي أزيد من ترك ذلك الحرام الواقعي، إلا أنه إذا طرأ عليه الإجمال مع فرض تنجزه على المكلف فالعقل يحكم بلزوم الاجتناب عن جميع محتملاته مقدمة لتحصيل العلم بامتثاله، فلزوم الاجتناب عن جميع الأطراف