المكلف إليه حينئذ، لمكان إمكان الاحتياط في موارد أصالة البراءة، بخلاف المقيس، فإنه ببيانه للعدم يغر المكلف حيث أنه يزعم أن مقتضى العموم هو الواقع مع أن الواقع خلافه، فيكون فوته عليه - حينئذ - مستندا إليه، فيكون قبيحا.
مدفوع: بأن مفاد العام - أيضا - ليس قطعيا حتى لا يمكن معه الاحتياط بل احتمال مخالفته للواقع قائم معه، فيكون فوته على المكلف مستندا إلى اختياره فتأمل (1)، وغاية ما يترتب على تجويز الشارع العمل بمقتضى العموم إنما هو عدم العقاب على مخالفة التكاليف الواقعية المسببة من العمل بمقتضى العموم، ومن المعلوم أنه لا قبح في عدم العقاب، بل يقبح ثبوته مع تجويزه العمل بالعام المؤدي إلى المخالفة كقبح ثبوته في المقيس عليه أيضا، فإنه وإن فرض فيه عدم بيانه شيئا للمكلف، إلا أنه لما كان البيان عليه ولا طريق للمكلف إلى تكاليفه سوى بيانه فيكون سكوته بمنزلة بيانه للعدم من حيث استناد مخالفة الواقع إليه فيهما.
والحاصل: أنه مع وجود المصلحة لا قبح في بيانه للعدم، كعدم قبح سكوته عن البيان معها، ومع انتفائها يقبح كل منهما، لأن إخفاء المصالح والمفاسد على المكلف سواء كان بالسكوت عن البيان رأسا أو ببيان العدم قبيح إذا لم تكن مصلحة تقتضيه، ومعها لا قبح فيه بوجه مطلقا.
قوله - قدس سره -: (لأن الحكم بالإطلاق من حيث عدم البيان