مراتب التخصيص، لا بالنسبة إلى كل واحدة منها مع عدم إمكانه في نفسه ولا بالنسبة إلى مرتبة خاصة، بخلاف صيغة الأمر، فإن غلبة الاستعمال المجازي فيها إنما تحققت بالنسبة إلى خصوص بعض معانيها المجازية، وهو الاستحباب، ومن المعلوم أنه يتعين الأخذ بالغلبة الشخصية في مقام الترجيح.
لكن الإنصاف اندفاع ذلك بأن الغلبة الشخصية انما تجدي في تعيين المراد من بين المجازات من لفظ واحد بعد ثبوت عدم إرادة الحقيقة منه كما إذا ورد (أكرم العالم مثلا) وعلم أنه ليس المراد إكرام مطلق طبيعة العالم بل شخص خاص منها وتردد هو بين زيد - الذي هو من النحويين - وبين عمرو - الذي هو من الفقهاء - وفرضنا ان استعمال العالم في خصوص زيد أكثر منه في خصوص عمر ومع تحقق كثرة استعماله - أيضا - في مجموع آحاد الفقهاء بحيث تساوي كثرة استعماله في زيد، فيكون حمله على عمرو مقتضى الغلبة في نوع الفقهاء، وحمله على زيد مقتضى الغلبة الشخصية المختصة به، فيقدم الثاني لما مر.
لكن المفروض في المقام عدم ثبوت المجازية في خصوص شيء من العام والأمر، مع العلم بإرادة مخالف الظاهر من أحدهما إجمالا الداعي إلى الالتزام بالتأويل في أحدهما، والأمر دائر بين الأخذ بظهور العام والتأويل في الأمر وبين العكس، ومن المعلوم أن المرجح في هذا المقام إنما هو ما يوجب أظهرية دلالة العام على العموم من دلالة الأمر على الوجوب أو العكس ومن المعلوم أن الأظهرية إنما هي بواسطة قلة تصدم جهة الوضع بالاستعمال المجازي، فكل ما قل استعماله في خلاف ما وضع له بالإضافة إلى الآخر فهو أظهر، من غير فرق بين أن يكون كثرة الاستعمال المجازي - المصادمة لجهة وضع الظاهر - متحققة في معنى خاص من المعاني المجازية أو في ضمن مجموعها، فإن ضعف دلالته على إرادة الموضوع له إنما هو ناشئ عن كثرة إرادة خلاف الموضوع [له] لا عن كثرة إرادة معنى خاص من المعاني المخالفة له، فلا يقدح كثرة استعمال الأمر في