المعنى المراد المخالف لظاهره الأولي - أيضا - فيتوقف تعيينه على قرينة أخرى - كما في الفرض الأول - فهي حينئذ صارفة فقط، وأما إذا كان من أحدهما فهي موجبة لظهوره في تمام الباقي فتكون معينة - أيضا - ولما كان النص والأظهر المبحوث عنهما في المسألة من القسم الأول، لفرض كون كل منهما كلاما مستقلا حيث أن الكلام في الخبرين المتعارضين، والخبر لا يكون خبرا إلا بكونه كلاما تاما، فيكون النص والأظهر المفروضان - في المسألة - من القرائن المنفصلة، فلهما شأنها، وقد أشرنا في طي بعض كلماتنا المتقدمة إلى ذلك أيضا.
ومن هنا يظهر أنا لو عملنا في الظاهرين - أيضا - بقاعدة الجمع فلا يلزم منه إجمال شيء منهما، بل غاية ما يترتب عليها التزام التأويل في أحدهما إذا حصل الجمع به، أو في كليهما إذا توقف عليه، إذ يكون حينئذ كل منهما - بمقتضى دليل صدوره - دليلا على التأويل في الآخر، فيعمل بمقتضى كل منهما في الآخر بالتزام التأويل فيه إذا توقف الجمع على التأويل في كليهما، أو بمقتضى أحدهما لا بعينه، بمعنى التزام تأويل واحد في أحدهما لا بعينه إذا حصل بتأويل واحد.
وعلى الأول يحتاج كل منهما إلى شاهد على تعيين المراد.
وعلى الثاني يكفي شاهد واحد، لفرض التزام التأويل في أحدهما مع بقاء الآخر على ظاهره، بمعنى التزام كون المراد ظاهره، فالمحتاج إليه إنما هو أحدهما.
نعم على الثاني لا بد من شاهد آخر لتعيين مورد التأويل فيهما، فيحتاج الجمع على الثاني - أيضا - إلى شاهدين، ونظر المصنف (قدس سره) إنما هو إلى الشاهد على تعيين المراد وهو واحد على الثاني، فلذا عبر عن الظاهرين الذين يحصل الجمع بينهما بتأويل واحد في أحدهما بالمحتاجين إلى شاهد واحد، والحاجة إلى شاهد آخر على الفرض الثاني إنما هو فيما إذا لم يكن الشاهد على المراد خطابا آخر يفيد كون المراد من خصوص أحدهما خلاف ظاهره، وأما إذا كان