في تلك الحال، ثم تبدل قصده إلى البيان بعدها إلى أول وقت العمل، وعلمنا من حاله ذلك لا يكون ذلك موجبا لظهور المطلق في الإطلاق، لأنه حين صدوره كان مجملا لم يقصد به العموم أو الخصوص، وبعد تبدل قصده إلى البيان لا بد من بيان آخر غير ما ذكره أولا، لعدم صلاحيته لإفادة مقصوده، فتصديه للبيان حينئذ يجدي في صدوره ثانيا، والصادر ثانيا كلام آخر، فتكون العبرة بكونه في مقام البيان في تلك الحال، فلا بد من إحرازه في التمسك بإطلاق المطلق، ولا يخفى أن إحرازه في غاية الإشكال، إذ لا يجب عقلا على المتكلم بيان تمام مقصوده حال التكلم، بل له تأخيره إلى أول وقت العمل، ولم يثبت عليه - أيضا - حتى يحرز بها ذلك، ولأجل ذلك يكون المطلقات الواردة في الشريعة عندي مجملات مهملات.
ومن هنا يظهر ما في دعوى بعضهم أن الأصل كون المتكلم في مقام البيان، لعدم صلاحية شيء لكونه مدركا له عدا الغلبة، وقد عرفت حالها.
وثانيهما: عدم ورود بيان في ذلك كما مر، انتهى ما أفاده (دام ظله).
أقول: الإنصاف ندرة كون المتكلم في مقام الإجمال حال التكلم وتأخير البيان إلى أول وقت العمل غاية الندرة، لقلة ما يقتضيه غاية القلة جدا ولأجل ذلك ترى العرف أنهم إذا علموا من أحد كونه في مقام الإجمال حال التكلم يسألونه عن الداعي له إليه بخلاف ما إذا علموا منه كونه في مقام البيان في تلك الحال، مع أن البيان - أيضا - كالإجمال يحتاج إلى داع، فكأن القاعدة عندهم إنما هو البيان في تلك الحال بحيث بعد الإجمال فيها في نظرهم مخالفا للقاعدة ومحتاجا إلى سبب وعلة، فلا تغفل ولا تقلد.
خلق را تقليدشان بر باد داد إي دو صد لعنت بر اين تقليد باد رب ارفعني عن حضيض التقليد إلى أوج الاجتهاد بنبيك محمد وآله الأمجاد صلواتك عليه وعليهم إلى يوم الميعاد.