لكنه مندفع - أيضا - بما مرت الإشارة إليه، من أن غاية ما يلزم عليهم علاج التعارض بينها وبين المرفوعة، الدالة على تقديم الشهرة، ولهم العلاج بإحدى الوجهين المشار إليهما.
وكيف كان، فلا ينبغي الارتياب في وجوب الأخذ بالمرجح لأحد الخبرين المتعارضين، وهذا هو المشهور.
لنا عليه - مضافا إلى تواتر الأخبار الظاهرة فيه من غير ما يصلح لصرفها عنه كما عرفت، وإلى الإجماع المحقق، والسيرة القطعية، والمحكية عن الخلف عليه في الجملة (1)، وإلى لزوم الهرج والمرج في الفقه، وإحداث فقه جديد من طرح المرجحات كلية، حيث أن من سير الفقه سيرا إجماليا يجد الأخبار المتعارضة في عمدة أبوابه فوق حد الإحصاء، إذ في عمدة أبوابه وردت الأخبار الموافقة للعامة والمخالفة لهم لا محالة، فإذا بني في تلك الأبواب على الإفتاء على طبق الموافقة لهم يلزم إحداث فقه مباين لطريقة الفرقة الناجية (نصرهم الله) - أن مقتضى الأصل إنما هو ذلك، مع قطع النظر عن تلك الوجوه أيضا.
وتوضيحه أنا قد قوينا سابقا أن اعتبار الأخبار إنما هو على وجه الطريقية، لا السببية، وقد عرفت ان مقتضى الأصل الأولي في المتعارضين منها بناء عليه - إنما هو تساقطهما في خصوص مؤداهما، وفرضهما كأن لم يكونا بالنسبة إليه في العمل بما يقتضيه الأصول العملية، فلو لا قيام الإجماع والسيرة وتواتر الأخبار على اعتبار أحدهما في الجملة - حينئذ - وكونه دليلا في مؤداه، لكان مقتضى الأصل والقاعدة عدم العبرة باحتمال الترجيح لأحدهما - أيضا - فإنه بمجرده - من غير قيام دليل على اعتباره في مقام الترجيح والتعيين - لا