نص من الكتاب في مسألة لا يعقل التحير في حكمها الذي هو مورد تلك الأخبار والداعي للسؤال فيها في المسبوقة به منها، فيتعين حملها على الثانية، وهي لا تصلح لإيجاب الأخذ بها في مقام الترجيح، إذ الظواهر مما تختلف باختلاف الأنظار، فلا بد أن يكون الأمر بالأخذ بها استحبابيا، فإذا كان الحال في موافقة الكتاب ذلك، فهو الحال [في] سائر المرجحات، إذ من المعلوم أنها بأسرها على نسق واحد، مضافا إلى عدم القول بالفصل، بل إلى الاتفاق على عدمه.
ورابعها: أن من تلك المرجحات أعدلية راوي إحدى الروايتين، وقد قدمت هي على الشهرة في مقبولة عمر بن حنظلة (1)، التي هي العمدة من أدلة وجوب الترجيح بها، مع أن الترجيح على القول بوجوبه إنما هو لقوة الظن في إحدى الروايتين، ومن المعلوم أن الشهرة أقوى منها من حيث إفادة الظن لصدق موردها.
هذه جملة ما ذكره (قدس سره) من الأدلة، مع توضيح منا في تقريب الاحتجاج بها.
وحاصل الجميع تسليم ظهور الاخبار العلاجية في وجوب الأخذ بالمرجحات، إلا أنه يدعي الاستحباب بإبداء الصارف لها عنه بهذه الوجوه.
ولا يخفى على المتأمل ما في كل منهما:
أما الأولان منها: فلأنهما على تقدير تماميتهما في أنفسهما إنما يقدحان بالقول بوجوب الأخذ بتلك المرجحات من باب التعبد، لا الظن بأقربية إحدى الروايتين إلى الواقع أو أبعديته عن الباطل، إذ مراعاة الترتيب بينهما والعمل بخصوص كل منهما لازمان على ذلك القول، وأما على القول الثاني فلا يلاحظ الترتيب بينها على النحو المذكور في الأخبار، ولا يقتصر على ما ذكر فيها من