بأحدهما) (1) أقول: كان الأجود أن يقول إنها مسوقة لبيان وظيفة المتحير، ومن المعلوم أن الجاهل بطريق مقصد لا يكون متحيرا فيه إلا مع قصده الذهاب إلى ذلك المقصد، ومن المعلوم أن مقصد كل مكلف في موارد احتمال التكاليف الشرعية إنما هو ما يبرأ ذمته عن تبعة استحقاق العقاب عليها، فغرضه تحصيله والوصول إليه، وهو لا ينحصر في الإتيان بالواقع على ما هو عليه، بل يعم ما أدى إليه طريق غير علمي معتبر فعلا من قبل الشارع، فالشاك في اعتبار أحد الخبرين المتعارضين إنما يكون متحيرا قبل ثبوت اعتبارهما في تلك الحال شرعا، وأما بعد ثبوت اعتبارهما تخييرا حينئذ بمقتضى أخبار التخيير فيرتفع تحيره، فإنه حينئذ بأيهما أخذ يؤديه إلى مقصده، وهو المؤمن له من العقاب، فله الأخذ بأي منهما في الواقعة الأولى، وأما الوقائع الاخر فإذا فرض كونه شاكا فهي (2) فيها في اعتبار غير ما اختاره في الأولى، فلا يصدق عليه أنه متحير، لأن له فيها طريقا فعليا إلى مقصده، وهو ما اختاره في الأولى لأن اعتباره فيها متيقن، والمفروض أن أخبار التخيير مسوقة لبيان حكم المتحير، لا مطلق الشاك، فلا تشمل الوقائع الاخر قطعا، فلا بد له في إثبات حكم التخيير حينئذ من التشبث بغيرها إن كان، وإلا فالاقتصار على المتيقن.
قوله - قدس سره -: (وبعض المعاصرين استجود هنا كلام العلامة مع أنه منع من العدول عن أمارة إلى أخرى وعن مجتهد إلى آخر فتدبر) (3)