المرجحات، بل المناط ما مر من اشتمال إحدى الروايتين على مزية مفقودة في الأخرى موجبة لأقربية ذيها إلى الواقع على فرض الدوران بينه وبين صاحبه، أو أبعديته عن الباطل، والترجيح بتلك المزية وإن كان - أيضا - تعبدا من الشارع إلا أنه ليس تعبدا صرفا غير منوط بأمر جامع بينهما كما هو مقتضى القول الأول.
والحاصل أن أصحاب القول الأول إنما يتعبدون بخصوصيات تلك المرجحات المنصوصة ولا يتعدون فيها إلى غيرها، وبتقديم بعضها على بعض على النحو المذكور فيها.
وأصحاب القول الثاني لا يتعبدون بشيء منهما وإنما يتعبدون بالمزية الموجودة في إحدى الروايتين على النحو المذكور، من أي سبب حصلت، ويحملون ذكر المنصوصة منها في الأخبار على ذكر بعض أفرادها، وكونه من باب التمثيل.
وبالجملة إذا كان المناط في الترجيح هي المزية المذكورة، فالواجب على الشارع التنبيه عليها فحسب، إذ لولاه لزم تسامحه في بيان الواجب، وهو حاصل كما يقضي به التأمل في تلك الأخبار وأما التنبيه على شيء من خصوصياتها فلا، فضلا عن جميعها، لعدم إناطة الترجيح بخصوص شيء منها، حتى يلزم من عدم التنبيه عليه التسامح في بيان الواجب.
ومن هنا يظهر عدم قدح اختلاف الترتيب في ذكر المنصوصة منها بذلك القول أيضا، بل دليل عليه، كما لا يخفى على المتأمل.
والسيد المذكور (قدس سره) قد اعترف في ذكر الرابع من الوجوه المتقدمة بأن الترجيح على القول به منوط بقوة الظن في إحدى الروايتين، وهو عين ما اختاره أصحاب القول الثاني.
وخلاصة الكلام: أنه ينبغي الاحتجاج - بالوجهين المذكورين على تسلمهما