ظواهره، من عموماته أو إطلاقاته، لكن ليس كل ظاهر مما يختلف باختلاف الأنظار، بل غالب الظواهر مما اتفقت فيها الأنظار، إذ الغالب استناد الظهور إلى الوضع، أو إلى إحدى من القرائن العامة التي في قوة الوضع، واختلاف الأنظار فيها على تقديره راجع إما إلى الاختلاف في الوضع، وإما إلى صلاحية القرينة لإيجابها لذلك، وهو بكلا شقيه نادر جدا، فلا محذور في إيجاب الترجيح بتلك الظواهر.
وأيضا إنما علقت الترجيح على نوع الظهور الكتابي دون أشخاصه، فهو كسائر الموضوعات العرفية المعلق عليها حكم شعري، من حيث إناطة تشخيصه إلى المحكوم، وهو يشخصه بالرجوع إلى العرف واستعلامه منهم أن الظاهر من الآية المحتمل ظهورها في الاحتمال الموافق لأحد الخبرين ما ذا؟ وبعد استعلامه ظهورها فيه لا عبرة في حقه باختلاف إنظار سائر المجتهدين، وإنما القادح بعمله اختلاف إنظار العرف، فافهم.
هذا مضافا إلى أن اختلاف الظواهر باختلاف الأنظار لو كان قادحا بوجوب الترجيح بموافقتها لكان قادحا باستحبابه أيضا، كما لا يخفى على المتأمل.
وأما رابع الوجوه المذكورة، ففيه أنه على تقدير تماميته بقدح بالقول الأول من القولين في وجوب الأخذ بالمرجحات، إذ أصحاب الثاني منهما لا عبرة عندهم بالترتيب الواقع بينها في الأخبار، ويحملون تلك الأخبار على بيان مرجحية كل منهما في نفسه.
هذا مضافا إلى عدم تماميته في نفسه أيضا، فإن الترجيح بقوة الظن إنما هو أحد الأقوال في المسألة فليس أمرا متفقا عليه حتى يحتج به على أولئك.
نعم، الذي يرد عليهم أن الظاهر أنهم معترفون بتقديم الشهرة على صفات الراوي مع أنها قد قامت على الشهرة في المقبولة.