ويمكن ان يوجه ذلك بأن مراده من قوله (ولو كان مخالفا لهما) ليس ما كان مخالفا لكليهما، بل إنما هو المخالف لخصوص كل منهما، بقرينة تمثيله لذلك بالظهر والجمعة، فتأمل.
لكن يبقى فيه إشكال آخر، لا أرى محيصا عنه، وهو أنه بعد فرض كون أحد الخبرين حجة لا محالة لا يعقل إيجاب الرجوع إلى الاحتياط فيما إذا كان أحدهما موافقا له أيضا، لأن قضية الفرض المذكور كون المرجح في مقام العمل أحد الخبرين، لا الاحتياط الموافق له.
اللهم إلا أن يوجه ذلك بأن المراد كون الاحتياط مرجعا في مؤدى الخبرين، نظرا إلى أن القدر المتيقن من الإجماع والأخبار حجية أحدهما في الجملة، من غير ثبوت أن يكون ذلك على وجه التعيين أو التخيير، فلا يجوز التمسك بواحد منهما في خصوص مؤداه لقيام احتمال كون الحجة أحدهما بالخصوص ولا نعلمه، والمراد بحجية أحدهما في الفرض المذكور هذا، فمعنى حجية أحدهما حجية أحدهما فعلا في نفي الثالث مع عدم كونه حجة في خصوص مؤداه، فلا ينافي الرجوع إلى الاحتياط في خصوص مؤداه.
لكنه أفسد من سابقه، لأن ذلك - كما مر غير مرة - إنما هو يقتضي الأولى (1)، والمراد بالوجه المذكور ما كان مخالفا له، ومن المعلوم أن مقتضى الإجماع والأخبار المتواترة إنما هو حجية أحدهما حينئذ فعلا في مؤداه، ومراده (قدس سره) أيضا ذلك.
هذا مع أن المفروض في مورده الوجوه الثلاثة إنما هي صورة تكافؤ الخبرين، وعدم ترجيح لأحدهما شرعا، ومعه لا يحتمل كون الحجية على تقدير