صورة التزاحم والتعارض على وجه ينطبق على غرضه من مطلوبية العمل بكل من الخبرين حال التعارض - أيضا - في حد ذاتهما وطلبه للعمل بكل منهما حينئذ تخييرا - بناء على اعتبارهما من باب السببية - ومن حجية أحدهما بلا عنوان الذي يجدي في نفي الثالث - بناء على اعتبارهما من باب الطريقية - بمعونة العقل (1) جمعا بين الحقين من إفادة الغرض على ما هو عليه في نفسه، والاستراحة عن كلفة إيراد خطاب آخر لبيان حكم خصوص صورة التعارض أو التزاحم.
بيان ذلك: إن الذي في نفسه إنما [هو] وجوب العمل بكل واحد من آحاد الخبر عينا في صورة السلامة عن المعارض مطلقا، وتخييرا في صورة التعارض - بناء على اعتبارها من باب السببية - وعدم وجوب العمل بواحد منهما في مؤداه مع العمل بواحد منهما بلا عنوان في نفي الثالث في تلك الصورة.
ومن المعلوم أن حكمها في صورة التزاحم، أو التعارض مخالف لحكمها في صورة السلامة، فلا يمكن إفادة الحكمين بخطاب واحد، لتوقفه على جواز استعمال اللفظ في معنيين، فلا بد إذن إما من خطابين، أو خطاب واحد يصلح لإفادة حكم الصورتين ولو بمعونة العقل، مع عدم استلزامه لمحذور استعماله في معنيين، ومع إمكان خطاب واحد معه لذلك على الوجه المذكور لا حاجة إلى خطابين، فإن إيراد خطاب يدل على الوجوب التخييري مثلا وإن لم يكن مفيدا لحكم الصورتين ولو بمعونة العقل نظرا إلى أن غاية ما يترتب عليه إطلاقه بالنسبة إلى صورة السلامة - أيضا -، ومن المعلوم أن ثبوت الوجوب التخييري لا يكشف عن مقتضي الوجوب التعييني حتى يحكم بمقتضاه في صورة السلامة، إلا أن الخطاب الدال (2) على الوجوب التعييني مع تعميم الوجوب بالنسبة إلى