أن يحكم الشارع في المتعارضين منها بالتساقط في مؤداهما، فإن القاعدة فيهما - بناء على اعتبارهما من باب الطريقية - إنما هو ذلك، كما مر غير مرة، وحكمه بالتخيير يناسب اعتبارها على وجه السببية، إذ القاعدة فيهما - بناء على اعتبارهما كذلك - إنما هو ذلك، وقوله (قدس سره): (لقوة احتمال أن يكون التخيير حكما ظاهريا عمليا) (1) دفع لذلك الوجه.
وتوضيحه: أن اعتبارها على وجه الطريقية إنما ينافي ثبوت التخيير في المتعارضين على نحو ثبوته للمتزاحمين من الواجبات النفسية، بأن يكون كل منهما مطلوبا نفسيا واقعيا تخييرا.
وأما ثبوته فيهما بعنوان كونه حكما ظاهريا في مقام العمل [فلا ينافي] (2) كما مرت الإشارة إليه سابقا، وأخبار التخيير ليست ظاهرة فيه على الوجه الأول، بل ساكتة عنه، فغاية ما ثبت منها إنما هو التخيير بين المتعارضين وهو أعم منه فلا يدل عليه.
ثم إن وجه قوة احتمال كونه على الوجه الثاني ظهور أدلة اعتبار الأخبار في اعتبارها على وجه الطريقية مع عدم ظهور أخبار التخيير على خلافها.
هذا مضافا إلى شهادة الأخبار الآمرة بالأخذ بالمرجحات، إذ لا ريب أن تلك المرجحات من المزايا التي توجب أقربية ذيها إلى الصدور، أو أبعدية احتمال عدم صدوره، ومن المعلوم أن المعتبر في المتزاحمين في مقام الترجيح كون الراجح مشتملا على مزية موجبة لتأكد مطلوبيته وأهميته بالنسبة إلى صاحبه، ومجرد أقربية صدوره، أو أبعدية احتمال عدم صدوره بالنسبة إلى صاحبه لا يصلح لجعله أهم سيما مع اشتمال صاحبه - أيضا - على جميع الشرائط المعتبرة في المطلوبية