واحد منهما لا تحير في مقام العمل.
وإن كان اعتبارها على الوجه الأول: فهما حاكمتان عليها، فإنها وإن لم يرفعا موضوعها، إلا انهما رافعتان لحكمها بمقتضى أدلة اعتبارهما، فإن حكم الشارع بالبناء على عدم الاحتمال المخالف لمؤداهما معناه رفع الحكم الظاهري المجعول منه لذلك الاحتمال في موردهما، فيكون قوله: (صدق العادل في خبره أو البينة) - مثلا - تفسيرا لقوله: «لا تنقض اليقين بالشك» (1)، وقوله: «كل شيء طاهر حتى تعلم أنه قذر» (2) وقوله: «كل شيء لك حلال حتى تعرف الحرام منه بعينه» (3)، وغير ذلك.
ومبنى الحكومة في الوجه الأول على تنزيل الشارع لهما مقام العلم من دون تصرف في أدلة اعتبار الأصول أصلا.
ومبناها في الوجه الثالث على جعل تلك الأدلة قرينة صارفة للعلم المأخوذ غاية في أدلة اعتبار الأصول إلى الأعم من صفة القطع.
ومبنى الورود في الوجه الثالث على جعل تلك الأدلة قرينة صارفة للشك المأخوذ في أدلة اعتبار الأصول إلى الأخص من ظاهره، حيث إن ظاهره مطلق الجهل المقابل للعلم، والشك المقرون بالتحير في مقام العمل قسم منه، وإن شئت فعبر عنه بالشك فيما يصنع حال الجهل.