قوله (قدس سره): (ويرد ما قبله ما تقدم... إلى آخره) (1).
وهو أن تلك الأوامر المستفادة من أخبار التسامح إنما تعلقت بالعمل المجرد عن نية القربة لا بالاحتياط المتوقف تحققه في العبادات على نية القربة المتوقفة على الأمر قبل تلك الأخبار فحينئذ يمكن أن تكون تلك الأخبار منشأ للقربة في العبادات كما مر.
قوله (قدس سره): (لأن الظاهر من هذه الأخبار كون العمل متفرعا على البلوغ وكونه الداعي على العمل (إلى قوله) ومن المعلوم أن العقل مستقل باستحقاق هذا العامل المدح والثواب) (2) حاصله أن موضوع هذه الأخبار إنما هو العمل بما بلغ بداعي بلوغه لما ذكره (قدس سره) ولا ريب أن العمل على هذا الوجه موجب لاستحقاق فاعله الثواب ولو لم يكن هناك أمر أصلا فإنه من الانقياد والإطاعة الحكمية فلا يكشف حينئذ ثبوت الثواب عليه بهذه الأخبار عن الأمر الشرعي بها لاحتمال كون تلك الأخبار مؤكدة لحكم العقل، فإنه إنما يصح التمسك بثبوت الثواب على عمل على الأمر الشرعي به إذا لم يكن ذلك العمل في نفسه موجبا لاستحقاقه أصلا، وأما إذا كان كذلك كما هو المفروض فورد خبر على ثبوت أصل الثواب عليه أو على ثبوت مقدار خاص منه فلا يكشف ذلك عن الأمر به شرعا.
أما إذا كان منشأ لأصل الثواب فواضح، حيث إنه مؤكد لحكم العقل به وهو لا يلازم طلب الشارع استحباب وإن كان يلازم طلبه إرشادا، حيث إن كل عاقل فضلا عن الشارع الحكيم إذا علم بوجود نفع في شيء لأحد يطلب منه ذلك إرشادا.