وجوبه أو استحبابه فيها أو مستقلا ونفسا فأتى به المكلف احتياطا لذلك الاحتمال.
فإن قلنا: إن استحقاق الثواب على الاحتياط من اللوازم العقلية المترتبة عليه قهرا، بمعنى أنه مترتب عقلا على مجرد احتمال المطلوبية مع الإتيان بالمحتمل لأجل ذلك وليس مما يدخله الجعل أصلا، لاختصاص ذلك بما إذا كان رفع المجعول بيد الشارع بأنه إن شاء رفعه وإن شاء أثبته، فيكون الاحتياط في الصورة المفروضة منشأ لاستحقاق الثواب ومشروعا جدا.
وإن قلنا بأنه مما يمكن أن يدخله الجعل بمعنى أن العقل إنما يحكم باستحقاق الثواب ما لم يقل المولى بأني لا أعطي الثواب على فعل ذلك المحتمل للمطلوبية كما لعله الظاهر فلا يستحق عليه شيئا من الثواب أصلا لدخوله حينئذ على العمل مجانا فإن أعطاه شيئا فإنما هو إحسان محض.
هذا فيما إذا ثبت عدم إعطائه الثواب بطريق القطع ظاهر، وأما فيما إذا ثبت بدليل ظاهر معتبر فالظاهر أنه أيضا كذلك، لأن دليل اعتبار ذلك الظاهر منزلة منزلة القطع في آثار مؤداه، بل نقول إن الاستحقاق ليس له ظاهر وواقع بل واقعه إنما يتحقق إذا لم يقم في المورد حجة من المولى على عدم الثواب وهي حاصلة بذلك الدليل الظني المعتبر هذا إذا كان مفاد ذلك الدليل عدم إعطاء الثواب، وأما إذا لم يكن دليل كذلك، بل الموجود في المورد إنما هو الدليل الدال على عدم وجوب ذلك الشيء المحتمل للوجوب أو على عدم استحبابه فهل هو يفيد ما يفيد الدليل المذكور أو لا؟ وجهان:
أحدهما: أن مقتضى دليل اعتبار ظاهر هذا الدليل جعل مؤداه مقام المقطوع ومن المعلوم أنه إذا قطع بعدم الوجوب أو الاستحباب فلا يستحق بعمله شيئا على المولى أصلا.