تقديره كما هو المصرح به في بعض تلك الأخبار ورود في بعضها أنه عمله طلبا لقول النبي صلى الله عليه وآله وفي بعضها التماس ذلك الثواب وهو الظاهر مما لم يصرح به أيضا، فإن قوله: (من بلغه شيء من الخير أو من الثواب فعمله) ظاهر في أنه عمله بداعي ذلك البلوغ بأن يكون الداعي إلى عمله هو مجرد احتمال الواقع الناشئ من البلوغ ويكون الفرض إدراكه على تقديره فحينئذ إما أن تكون تلك الأخبار مختصة بالعبادات أو يعم غيرها أيضا.
وكيف كان فهي داخلة فيها البتة وكلامنا أيضا فيها، وهذا لا يصح إلا بأن يكون البالغ هو الثواب الخاص مع ثبوت مشروعية أصل الفعل والأمر به حتى يكون الاحتياط لإدراك ذلك الثواب البالغ على تقديره فتكون تلك الأخبار منجبرة لذلك الثواب على كل تقدير، لأنه لو كان المراد بلوغ أصل العمل بمثل الخير الضعيف فلا ريب أنه لا يمكن أن يكون منشأ للقربة المعتبرة في العبادات المقومة لها فلا ينعقد الفعل حينئذ عبادة حتى يكون احتياطا ومدركا للواقع على تقديره ولا يعقل أيضا أن تكون هذه الأخبار منشأ للقربة المثوبة فيها لاستلزامه الدور كما لا يخفى، حيث إن موضوعها الاحتياط فهي متوقفة على تحققه قبل ورودها، فإذا كان تحققه متوقفا على ورودها يلزم الدور فلا بد حينئذ من حملها على ما إذا ثبت الأمر بالفعل في نفسه لكن يشك في مقدار المثوبة مع بلوغ مقدار منه عليه فتكون هي مثبتة لذلك المقدار الموعود بالبلوغ لا شرعية أصل الفعل.
قوله (قدس سره): (وثالثة بظهورها فيما بلغ فيه الثواب المحض لا العقاب محضا أو مع الثواب) (1) قال دام ظله: لما كان الكلام في احتمال الوجوب الناشئ بالخبر الضعيف