والمدينة وبيت المقدس؛ وما من نبي إلا وقد زارها وبكى عندها، ولها في كل يوم زيارة من الملائكة بالتسليم؛ فإذا كانت ليلة جمعة أو يوم جمعة نزل إليها سبعون ألف ملك يبكونه ويذكرون فضله ومنزلته عندهم؛ وإنه يسمى في السماوات:
حسينا المذبوح، وفي الأرض: أبا عبد الله المقتول، وفي البحار: الفرخ الأزهر المظلوم؛ وإنه يوم يقتل تنكسف من النهار الشمس، ومن الليل القمر، وتدوم الظلمة على الناس ثلاثة أيام، وتمطر السماء كما أخبرتكم دما، وتدكدك الجبال، وتغطمط البحار، ولو لا بقية من ذرية محمد (صلى الله عليه وآله) ومحبي محمد ومحبي أبيه وأمه يطلبون دمه ويأخذون بثأره لصب الله عز وجل عليهم من السماء نيرانا.
ثم قال كعب: لعلكم تعجبون مما حدثتكم به من أمر الحسين بن علي إن الله تعالى لم يترك شيئا كان أن يكون في أول الدهر وآخره إلا وقد فسره لموسى (عليه السلام)؛ وما من نسمة خلفت ومضت من ذكر وأنثى إلا وقد رفعت إلى آدم (عليه السلام) وعرضت عليه، ولقد عرضت على آدم هذه الأمة، فنظر إليها وإلى اختلافها وتكالبها على الدنيا فقال: يا رب! ما لهذه الأمة والدنيا وهي خير الأمم وأفضلها؟ أوحى الله عز وجل إليه: يا آدم! هذا أمري في خلقي وقضائي في عبادي، يا آدم! إنهم أخلفوا فاختلفت قلوبهم، وسيظهرون في أرضي الفساد كفساد قابيل حين قتل هابيل، ويقتلون فرخ حبيبي محمد (صلى الله عليه وآله).
قال: ثم مثل بآدم (عليه السلام) في الذروة مقتل الحسين بن علي ووثوب أمة جده عليه، فنظر إليهم آدم (عليه السلام) مسودة وجوههم فقال: يا رب! أبسط عليهم الأسقام كما قتلوا فرخ هذا النبي الكريم.
قال هبيرة بن يريم: فحدثني أبي يريم قال: لقيت سلمان الفارسي فحدثته بهذا الحديث، فقال سلمان: لقد صدقك كعب وأنا أزيدك في ذلك أن كل شيء في