وقاتلنا معهم وقتلنا من ناواهم، فأقول لهم: أبشروا! فأنا نبيكم محمد، ولقد كنتم في دار الدنيا كما وصفتم. ثم أسقيهم من حوضي فيصدرون مرويين. ألا! وإن جبرئيل (عليه السلام) قد أخبرني بأن أمتي تقتل ولدي الحسين بأرض كرب وبلاء ألا! فلعنة الله على قاتله وخاذله آخر الدهر.
قال: ثم نزل [من] على المنبر، ولم يبق أحد من المهاجرين والأنصار إلا واستيقن أن الحسين مقتول، حتى إذا كان في أيام عمر بن الخطاب وأسلم كعب الأحبار وقدم المدينة، جعل الناس يسألونه عن الملاحم التي تكون في آخر الزمان وكيف تحدثهم بأنواع الملاحم والفتن؛ ثم قال كعب: نعم وأعظمها ملحمة التي لا تنسى أبدا وهو الفساد الذي ذكره الله تعالى في الكتب، وقد ذكره في كتابكم، فقال عزوجل: ﴿ظهر الفساد في البر والبحر﴾ (1)؛ وإنما فتح بقتل هابيل، وختم بقتل الحسين بن علي.
ثم قال كعب: أظنكم تهونون قتل الحسين، أو لا تعلمون أنه يفتح كل يوم وليلة أبواب السماء كلها، ويؤذن للسماء بالبكاء، فتبكي دما عبيطا؟ فإذا رأيتم الحمرة قد ارتفعت من جنباتها شرقا وغربا فاعلموا بأنها تبكي حسينا، فتظهر هذه الحمرة في السماء، قال: فقيل له: يا أبا إسحاق فكيف لم تفعل السماء ذلك بالأنبياء وأولاد الأنبياء من قبل وبمن كان خيرا من الحسين؟ فقال كعب: ويحكم! إن قتل الحسين أمر عظيم لأنه ابن بنت خيرة الأنبياء وإنه يقتل علانية ظلما وعدوانا، لا تحفظ فيه وصية رسول الله (صلى الله عليه وآله)، وهو مراح مائة وبضعة من لحمه، ثم يذبح بعرصة الكرب والبلاء؛ والذي نفس كعب بيده! لتبكينه زمرة من الملائكة في السماوات لا يقطعون بكاءهم عليه إلى آخر الدهر، وإن البقعة التي يدفن فيها خير البقاع بعد ثلاث: مكة