مخافة على الدنيا وما فيها ومن على الأرض، فلا تزال الملائكة مشفقين يبكونه لبكاءها، ويدعون الله ويتضرعون إليه، ويتضرع أهل العرش ومن حوله، وترتفع أصوات من الملائكة بالتقديس لله مخافة على أهل الأرض، ولو أن صوتا من أصواتهم يصل إلى الأرض لصعق أهل الأرض، وتقطعت الجبال وزلزلت الأرض بأهلها.
قلت: جعلت فداك إن هذا الأمر عظيم، قال: غيره أعظم منه ما لم تسمعه، ثم قال لي: يا أبا بصير أما تحب أن تكون فيمن يسعد فاطمة (عليها السلام)، فبكيت حين قالها فما قدرت على المنطق، وما قدرت على كلامي من البكاء، ثم قام إلى المصلى يدعو، فخرجت من عنده على تلك الحال، فما انتفعت بطعام وما جاءني النوم، وأصبحت صائما وجلا حتى أتيته، فلما رأيته قد سكن سكنت، وحمدت الله حيث لم تنزل بي عقوبة (1).
بكاء علي بن الحسين (عليهما السلام) على أبيه [491] - 11 - قال الصدوق:
حدثنا محمد بن الحسن بن أحمد بن الوليد (رضي الله عنه) قال: حدثنا محمد بن الحسن الصفار قال: حدثني العباس بن معروف، عن محمد بن سهل البحراني يرفعه إلى أبي عبد الله (عليه السلام) قال: البكاؤون خمسة: آدم ويعقوب ويوسف وفاطمة بنت محمد وعلي ابن الحسين (عليهم السلام)....
وأما علي بن الحسين فبكى على الحسين (عليه السلام) عشرين سنة أو أربعين سنة، ما وضع بين يديه طعام إلا بكى حتى قال له مولى له: جعلت فداك يا ابن رسول الله إني أخاف عليك أن تكون من الهالكين، قال: (إنما أشكو بثي وحزني إلى الله