خطبة الإمام علي بن الحسين (عليهما السلام) في مجلس يزيد [457] - 98 - قال الخوارزمي:
(وروى) أن يزيد أمر بمنبر وخطيب، ليذكر للناس مساوئ للحسين وأبيه علي (عليهما السلام)، فصعد الخطيب المنبر، فحمد الله وأثنى عليه وأكثر الوقيعة في علي والحسين، وأطنب في تقريظ معاوية ويزيد، فصاح به علي بن الحسين: ويلك أيها الخاطب! اشتريت رضا المخلوق بسخط الخالق؟ فيتبوأ مقعدك من النار. ثم قال:
يا زيد ائذن لي حتى أصعد هذه الأعواد، فأتكلم بكلمات فيهن لله رضا، ولهؤلاء الجالسين أجر وثواب، فأبى يزيد، فقال الناس: يا أمير المؤمنين ائذن له ليصعد، فلعلنا نسمع منه شيئا. فقال لهم: إن صعد المنبر هذا لم ينزل إلا بفضيحتي وفضيحة آل أبي سفيان، فقالوا: وما قدر ما يحسن هذا؟ فقال: إنه من أهل بيت قد زقوا العلم زقا. ولم يزالوا به حتى أذن له بالصعود، فصعد المنبر وحمد الله وأثنى عليه، ثم خطب خطبة أبكى منها العيون، وأوجل منها القلوب، فقال فيها:
(أيها الناس أعطينا ستا، وفضلنا بسبع: أعطينا العلم، والحلم والسماحة والفصاحة، والشجاعة، والمحبة في قلوب المؤمنين، وفضلنا بأن منا النبي المختار محمدا (صلى الله عليه وآله) ومنا الصديق ومنا الطيار، ومنا أسد الله وأسد الرسول، ومنا سيدة نساء العالمين فاطمة البتول، ومنا سبطا هذه الأمة وسيدا شباب أهل الجنة؛ فمن عرفني فقد عرفني ومن لم يعرفني أنبأته بحسبي ونسبي: أنا ابن مكة ومنى أنا ابن زمزم والصفا، أنا ابن من حمل الزكاة بأطراف الرداء، أنا ابن خير من ائتزر وارتدى، أنا ابن خير من انتعل واحتفى، أنا ابن خير من طاف وسعى، أنا ابن خير من حج ولبى، أنا ابن من حمل على البراق في الهوا، أنا ابن من أسري به من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى، فسبحان من أسرى، أنا ابن من بلغ به جبرائيل إلى سدرة المنتهى،