قالت: يا بني إله عن هذا، قال: والله لتخبريني، قالت: أقبل على شأنك ولا تسألني عن شيء، فألح عليها، فقالت: يا بني لا تخبرن أحدا من الناس بشيء مما أخبرك به، قال: نعم، فأخذت عليه الأيمان، فحلف لها، فأخبرته فاضطجع وسكت. وأصبح ابن تلك العجوز فغدا إلى عبد الرحمن بن محمد بن الأشعث، فأخبره بمكان مسلم بن عقيل عند أمه فأقبل عبد الرحمن حتى أتى أباه وهو عند ابن زياد فساره، فعرف ابن زياد سراره، فقال له ابن زياد بالقضيب في جنبه: قم فائتني به الساعة، فقام وبعث معه قومه لأنه قد علم أن كل قوم يكرهون أن يصاب فيهم مسلم بن عقيل وبعث معه عبيد الله بن عباس السلمي في سبعين رجلا من قيس حتى أتوا الدار (1).
الهجوم على مسلم وإعطاءه الأمان [128] - 35 - قال ابن أعثم:
ركب محمد بن الأشعث حتى وافى الدار التي فيها مسلم بن عقيل. قال: وسمع مسلم بن عقيل وقع حوافر الخيل وزعقات الرجال، فعلم أنه قد أتى في طلبه، فبادر (رحمه الله)، إلى فرسه فأسرجه وألجمه، وصب عليه درعه، واعتجر بعمامته، وتقلد سيفه، والقوم يرمون الدار بالحجارة، ويلهبون النار في نواحي القصب. قال: فتبسم مسلم (رحمه الله) ثم قال: يا نفس! أخرجي إلى الموت الذي ليس منه محيص ولا عنه محيد؛ ثم قال للمرأة: أي رحمك الله وجزاك عني خيرا! اعلمى أنما أوتيت من قبل ابنك، ولكن افتحي الباب. ففتحت الباب، وخرج مسلم في وجوه القوم كأنه أسد مغضب، فجعل يضاربهم بسيفه حتى قتل منهم جماعة.