نصيحة برير لأهل الكوفة [199] - 106 - قال الخوارزمي:
أصبح الحسين فصلى بأصحابه ثم قرب إليه فرسه فاستوى عليه وتقدم نحو القوم في نفر من أصحابه وبين يديه برير بن حضير الهمداني، فقال له الحسين: كلم القوم يا برير وانصحهم، فتقدم برير حتى وقف قريبا من القوم والقوم قد زحفوا إليه عن بكرة أبيهم، فقال لهم برير: يا هؤلاء! اتقوا الله فإن ثقل محمد قد أصبح بين أظهركم هؤلاء ذريته وعترته، وبناته وحرمه، فهاتوا ما عندكم وما الذي تريدون أن تصنعوا بهم، فقالوا: نريد أن نمكن منهم الأمير عبيد الله بن زياد فيرى رأيه فيهم، فقال برير: أفلا ترضون منهم أن يرجعوا إلى المكان الذي أقبلوا منه، ويلكم يا أهل الكوفة أنسيتم كتبكم إليه وعهودكم التي أعطيتموها من أنفسكم وأشهدتم الله عليها وكفى بالله شهيدا.
ويلكم دعوتم أهل بيت نبيكم وزعمتم أنكم تقتلون أنفسكم من دونهم، حتى إذا أتوكم أسلمتموهم لعبيد الله وحلأتموهم عن ماء الفرات الجاري وهو مبذول يشرب منه اليهود والنصارى والمجوس وترده الكلاب والخنازير، بئسما خلفتم محمدا في ذريته، ما لكم؟ لا سقاكم الله يوم القيامة، فبأس القوم أنتم.
فقال له نفر منهم: يا هذا ما ندري ما تقول، فقال برير: الحمد لله الذي زادني فيكم بصيرة، اللهم إني أبرأ إليك من فعال هؤلاء القوم، اللهم ألق بأسهم بينهم حتى يلقوك وأنت عليهم غضبان، فجعل القوم يرمونه بالسهام فرجع برير إلى وراءه (1).