وإني لأبكي في حياتي على أخي * على خير من بعد النبي سيولد بدمع غزير مستهل مكفكف * على الخد مني دائب ليس يحمد [يجمد] قال الراوي: فضج الناس بالبكاء والنحيب والنوح، ونشر النساء شعورهن، وحثين التراب على رؤوسهن، وخمشن وجوههن، ولطمن خدودهن، ودعون بالويل والثبور، وبكى الرجال ونتفوا لحاهم فلم ير باكية وباك أكثر من ذلك اليوم (1).
خطبة الإمام السجاد (عليه السلام) في الكوفة [408] - 49 - قال الطبرسي:
قال حذيم بن شريك الأسدي: خرج زين العابدين (عليه السلام) إلى الناس وأومى إليهم أن اسكتوا فسكتوا، وهو قائم، فحمد الله وأثنى عليه، وصلى على نبيه، ثم قال:
أيها الناس: من عرفني فقد عرفني! ومن لم يعرفني فأنا علي بن الحسين المذبوح بشط الفرات من غير ذحل ولا ترات، أنا ابن من انتهك حريمه، وسلب نعيمه وانتهب ماله، وسبي عياله، أنا ابن من قتل صبرا، فكفى بذلك فخرا.
أيها الناس، ناشدتكم بالله هل تعلمون أنكم كتبتم إلى أبي وخدعتموه، وأعطيتموه من أنفسكم العهد والميثاق والبيعة؟ ثم قاتلتموه وخذلتموه فتبا لكم ما قدمتم لأنفسكم وسوء لرأيكم، بأية عين تنظرون إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ يقول لكم:
" قتلتم عترتي، وانتهكتم حرمتي، فلستم من أمتي "؟
قال: فارتفعت أصوات الناس بالبكاء، ويدعو بعضهم بعضا: هلكتم وما تعلمون.
فقال علي بن الحسين (عليهما السلام): رحم الله امرءا قبل نصيحتي، وحفظ وصيتي في الله وفي رسوله، وفي أهل بيته، فإن لنا في رسول الله أسوة حسنة.
فقالوا بأجمعهم: نحن كلنا يا ابن رسول الله سامعون مطيعون حافظون لذمامك،