تنصرونه! اللهم فكن أنت له وليا وناصرا.
قال ابن عباس: ثم رجع وهو متغير اللون، محمر الوجه فخطب خطبة بليغة موجزة وعيناه يهملان دموعا، ثم قال: أيها الناس! إني قد خلفت فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي، وأرومتي ومراح مماتي وثمرتي، ولن يفترقا حتى يردا علي الحوض؛ ألا وإني لا أسألكم في ذلك إلا ما أمرني ربي أن أسألكم المودة في القربى، فانظروا أن لا تلقوني غدا على الحوض وقد أبغضتم عترتي وظلمتموهم؛ ألا! وإنه سيرد علي في القيامة ثلاث رايات من هذه الأمة، راية سوداء مظلمة قد فزعت لها الملائكة، فتقف علي فأقول: من أنتم؟ فينسون ذكري ويقولون: نحن أهل التوحيد من العرب، فأقول: أنا أحمد نبي العرب والعجم فيقولون: نحن من أمتك يا أحمد! فأقول لهم: كيف خلفتموني من بعدي في أهلي وعترتي وكتاب ربي؟ فيقولون: أما الكتاب فضيعنا ومزقنا، وأما عترتك فحرصنا على أن يندهم من حديد الأرض فأولي عنهم وجهي، فيصدرون ظماء عطاشا مسودة وجوههم.
ثم يرد علي راية أخرى أشد سوادا من الأولى فأقول لهم: من أنتم؟ فيقولون كما تقول الأول (1) إنهم من أهل التوحيد نحن من أمتك، فأقول لهم: كيف خلفتموني في الثقلين الأصغر والأكبر، في كتاب الله وفي عترتي؟ فيقولون: أما الأكبر فخالفنا، وأما الأصغر فخذلنا ومزقناهم كل ممزق؛ فأقول إليكم عني! فيصدرون ظماء عطاشا مسودة وجوههم.
ثم يرد علي راية أخرى تلمع نورا، فأقول لهم: من أنتم؟ فيقولون: نحن كلمة التوحيد، نحن أمة محمد ونحن بقية أهل الحق الذين حملنا كتاب ربنا، فأحللنا حلاله وحرمنا حرامه، وأحببنا ذرية نبينا محمد (صلى الله عليه وآله) فنصرناهم بما نصرنا به أنفسنا،